Q قوله صلى الله عليه وسلم: (استفت قلبك وإن أفتاك الناس) هل يجوز على ذلك أن أفعل ما ترتاح إليه نفسي فيما اختلف فيه؟
صلى الله عليه وسلم لا، الذي اختلف فيه الإنسان يرجع إلى أهل العلم ممن يثق بعلمه ودينه في أمر يعمل به، فإذا أرشده من يثق بعلمه ودينه أخذ به، وأما استفتاء القلب فالمقصود بذلك: أن الإنسان إذا كان سأل عن شيء وأُخبر بأنه حلال، وكان في نفسه شيء منه أو غير مطمئن إليه أو أنه يعلم في هذا الأمر الخاص به ما يجعله غير مطمئن، فإن السلامة في ذلك أن يترك هذا الشيء الذي هو غير مطمئن إليه، مثل أن يكون الإنسان عنده حجة في أمر من الأمور غير مطمئن إليها، فقدمها إلى الحاكم، والحاكم حكم له بها وهو غير مطمئن ولا مرتاح إليها، فإن هذا لا يأخذ بحكم الحاكم ما دام أن عنده الريبة أو الشبهة التي في نفسه، فالاحتياط أنه يترك هذا الأمر المشتبه حتى ولو أفتاه الناس، وهذا مثلما جاء في الحديث: (إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فمن حكمت له بحق أخيه وهو يعلم أنه ليس حقاً له فإنما هي قطعة من نار، إن شاء فليأخذها، وإن شاء فليتركها).
وهذا لا يعارض القاعدة المشهورة عند العلماء: أن الأصل في الأشياء الإباحة، فالأشياء التي لا يعلم حرمتها الأصل فيها الإباحة، لكن إذا تردد الإنسان في شيء، ولم يكن مرتاحاً إليه، بحيث خشي أن يكون مما هو محرم أو قد يكون فيه شيء، فعليه أن يتنزه عنه، ولا شك أن هذا فيه السلامة.