يستفاد من الحديث ما يلي: 1 - تحريم الابتداع في الدين.
2 - أن العمل المبني على بدعة مردود على صاحبه.
3 - أن النهي يقتضي الفساد، فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإحداث مردود، ومعنى ذلك أنه إذا وجد شيء مبني على ذلك فإن العقد يكون فاسداً إذا كان من قبيل العقود، وإن كان من قبيل الأعمال كالغسل من الجنابة، والصلاة وغير ذلك فإنه يكون فاسداً، ويكون لاغياً وباطلاً.
4 - أن العمل الصالح إذا أتي به على غير الوجه المشروع كالتنفل في وقت النهي بغير سبب، وصيام يوم العيد ونحو ذلك فإنه باطل لا يعتد به.
فهناك أعمال هي في أصلها مشروعة مثل صلاة النافلة، لكن كون الإنسان يأتي به في وقت النهي وهو ليس من ذوات الأسباب، فهذا التنفل يعتبر مردوداً؛ لأنه مخالف لما جاءت به السنة، لأن السنة جاءت بالنهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس.
ومن جنس ذلك: قصة ابن مسعود المتقدمة، فإن كون كل رجل يذكر الله عز وجل مشروع، لكن كونه يؤتى به على هذه الطريقة الجماعية وبعد الحصى، وكون واحد منهم يقول: سبحوا مائة.
فيعدون سبحان الله، سبحان الله فهذه الهيئة وهذه الكيفية مبتدعة.
أما كون الإنسان يسبح ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، ويكون لسانه رطباً من ذكر الله عز وجل؛ فهذا مشروع، ولكن إذا أتى به على وجه مخالف للشرع صار العمل بدعة، وإن كان في أصله جائزاً.
5 - أن حكم الحاكم لا يغير ما في باطن الأمر لقوله: (ليس عليه أمرنا)، فإذا حكم الحاكم بشيء، والمحكوم له يعلم بأنه ليس محقاً في الشيء الذي حكم له به، بأن يكون مبنياً مثلاً على شهادة الزور، لم يجز له أن يأخذه، ولا أن يقول: ما دام قد حكم الحاكم فهذا المال يكون حلالاً لي، فنقول: ليس حلالاً لك، بل هو حرام وإن حكم به الحاكم، لأن الحاكم لا يعلم الغيب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فإنما أقطع له قطعة من نار فليأخذها أو ليدعها) ومعنى ذلك أن حكم الحاكم لا يحل ما كان حراماً، وإذا حكم بشيء على وجه يعلم المحكوم له بأنه مبطل، وأنه ليس محقاً في ذلك، فإن ذلك الحكم لا يغير شيئاً، ولا يفيد الإنسان، وليس عذراً للإنسان في أكل الحرام.
6 - أن الصلح الفاسد باطل، والمأخوذ عليه مسترد.
ويوضح ذلك قصة العسيف التي ذكرناها.