هذه الشريعة متصفة بثلاث صفات: الصفة الأولى: أنها عامة للثقلين: فلا يسع أحداً من الجن والإنس الخروج عنها، من حين بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (والذي نفسي بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بالذي جئت به، إلا كان من أصحاب النار)، فإن اليهود والنصارى من أمة محمد عليه الصلاة والسلام أمة الدعوة، والدعوة موجهة للجن والإنس جميعاً، وكل إنسي وجني من حين بعثته صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة هو من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، أعني من أمة الدعوة، فالدعوة موجهة للجميع، وكل يدعى إلى الدخول في هذا الدين.
الصفة الثانية: أنها خالدة وباقية ومستمرة.
فالشرائع السابقة كان لها أمد تنتهي إليه، وأما شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فإنها باقية ومستمرة؛ ولهذا كانت معجزته باقية ومستمرة، وهي القرآن الذي عجز الفصحاء والبلغاء عن أن يأتوا بشيء من مثله، فشريعته مستمرة، ومعجزته مستمرة، والتحدي مستمر وموجود، ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثل القرآن، بخلاف الرسل السابقين فإن رسالاتهم لها أمد ولها وقت ثم تنسخ، ومعجزاتهم وقتية لا يشاهدها إلا من كان في زمانهم، وأما معجزة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام -وهي القرآن- فإنها باقية ومستمرة؛ لأن شريعته باقية ومستمرة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
الصفة الثالثة: الكمال.
فهي كاملة لا نقص فيها، ولا تحتاج إلى إضافات تلحق بها وتضم إليها، ولا تحتاج إلى ترقيع وإلى ترميم، بل هي في غاية الكمال والتمام، لا نقص فيها حتى يضاف إليها شيء، فالبدع التي تضاف إليها مردودة على صاحبها.