قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: [وقد صنف العلماء -رضي الله تعالى عنهم- في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات، فأول من علمته صنف فيه: عبد الله بن المبارك، ثم محمد بن أسلم الطوسي العالم الرباني، ثم الحسن بن سفيان النسائي، وأبو بكر الآجري، وأبو بكر بن إبراهيم الأصفهاني، والدارقطني، والحاكم، وأبو نعيم، وأبو عبد الرحمن السلمى، وأبو سعيد الماليني، وأبو عثمان الصابوني، وعبد الله بن محمد الأنصاري، وأبو بكر البيهقي، وخلائق لا يحصون من المتقدمين والمتأخرين، وقد استخرت الله تعالى في جمع أربعين حديثاً اقتداء بهؤلاء الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام، وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال].
هذا الكلام ليس مسلّماً به؛ ففضائل الأعمال وغير فضائل الأعمال كلها لا بد فيها من التعويل على الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ونسبة الشيء إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام والإتيان به تعبداً لا يكون إلا بالصحيح الثابت، ولا فرق في ذلك بين فضائل الأعمال وغير فضائل الأعمال.
نعم: إذا كان الحديث في فضائل الأعمال، وكانت هناك أحاديث تدل على معناه فإنّ المعول على غيره، فوجوده مع غيره ليس اعتماداً عليه، وإنما الاعتماد على غيره، وذلك مثل صلاة الجماعة، فقد جاءت فيها أحاديث صحيحة وأحاديث ضعيفة، والعمل على الأحاديث الصحيحة، وليس العمل على الحديث الضعيف الذي يأتي فيها.
وأما إذا كان الحديث لم يثبت، أو لم يأت إلا عن طريق ضعيف، فعند ذلك لا يتعبد الله عز وجل بشيء لم يأت إلا بطريق ضعيف، سواء في فضائل الأعمال أو غير فضائل الأعمال.