إذاً: في الحديث ذكر عمل يحصل به دخول الجنة، والعمل مقدر، ودخول الجنة مقدر، وكل من الأسباب والمسببات مقدرة، والإنسان عمل باختياره ومشيئته وإرادته ما يعود عليه بالخير، وعمل بمشيئته واختياره ما يعود عليه بالضرر، فجمع في هذا الحديث بين الأمرين، كون العباد يعملون ويكتسبون، وأنهم إن عملوا خيراً وجدوه أمامهم، وإن عملوا شراً وجدوه أمامهم، وأيضاً لا يحصل منهم شيء ما قدره الله وقضاه، بل الذي قدره الله وقضاه نافذ، فإذاً: عملهم الذي عملوه قبل ذلك هو بقضاء الله وقدره، ومشيئته وإرادته، وقد حصل من العبد مشيئته وإرادته، ثم حصل بعد ذلك تغير حال الإنسان، وانحرافه عن طريق الصواب إلى طريق السوء، وعمله باختياره ومشيئته بعمل أهل النار، فمات على عمل أهل النار، وختم له بخاتمة السوء والعياذ بالله! ففي هذا الحديث بيان الأعمال، وأنها تكون مضافة إلى الإنسان، وأنهم يثابون عليها ويعاقبون، وأنها تكون بمشيئتهم وإرادتهم، وأن القدر لا بد منه، وأنه المقدر لا بد منه؛ ولهذا تكون مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، وليست مستقلة عنها، كما قال الله عز وجل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:28 - 29].