ثم بعد ذلك يأتي ذكر الزكاة، والزكاة هي عبادة مالية تأتي في السنة مرة واحدة عند حولان الحول أو عند خروج الثمار ونضوجها، ولا تتكرر الزكاة، وإنما تجب في السنة مرة واحدة، ونفعها متعدٍ، ولهذا قدمت على الصيام، وجاءت بعد الصلاة.
ويأتي كثيراً القرن بين الزكاة والصلاة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5]، وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:5]، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:11]، وقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41].
فيقرن الله عز وجل بين الصلاة والزكاة في آيات كثيرة من كتابه، وهذا يدلنا على أن شأنها عظيم، وأنها تلي الصلاة، وأنها متقدمة على بقية الأركان، وذلك لأن نفعها متعدٍ، حيث ينتفع صاحبها وينتفع غيره، فصاحبها ينتفع بالأجر والثواب، وغيره ينتفع بالمال الذي هو محتاج إليه لفقره ولعوزه ولقلة ذات يده، فيكون نفعها متعدياً إلى الآخرين، مع أنه يحصل للإنسان الثواب على ذلك.