افتتح النووي أحاديث الأربعين بهذا الحديث، وقد افتتح جماعة من أهل العلم كتبهم به، منهم الإمام البخاري، فقد افتتح (صحيحه) به، وعبد الغني المقدسي في كتابه (عمدة الأحكام)، والبغوي، في كتابيه (مصابيح السنة)، و (شرح السنة) به، وافتتح السيوطي كتابه (الجامع الصغير) به.
وعقد النووي في أول كتابه المجموع شرح المهذب فصلاً قال فيه: (فصل في الإخلاص والصدق وإحضار النية في جميع الأعمال البارزة والخفية) وأورد فيه ثلاث آيات من القرآن، ثم حديث: (إنما الأعمال بالنيات).
ثم قال: (حديث صحيح متفق على صحته، ومجمع على عظم موقعه وجلالته، وهو إحدى قواعد الإيمان وأول دعائمه وآكد الأركان).
قال الشافعي رحمه الله: (يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه)، وقال أيضاً: (هو ثلث العلم)، وكذا قاله -أيضاً- غيره.
وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقد اختلف في عدها، فقيل: ثلاثة.
وقيل: أربعة.
وقيل: اثنان.
وقيل: حديث.
وقد جمعتها كلها في (جزء الأربعين) فبلغت أربعين حديثاً، لا يستغني متدين عن معرفتها؛ لأنها كلها صحيحة، جامعة قواعد الإسلام في الأصول والفروع والزهد والآداب ومكارم الأخلاق وغير ذلك، وإنما بدأت بهذا الحديث تأسياً بأئمتنا ومتقدمي أسلافنا من العلماء رضي الله عنهم، وقد ابتدأ به إمام أهل الحديث -بلا مدافعة- أبو عبد الله البخاري صحيحه.
ونقل جماعة أن السلف كانوا يستحبون افتتاح الكتب بهذا الحديث تنبيهاً للطالب على تصحيح النية وإرادته وجه الله تعالى بجميع أعماله البارزة والخفية.
وروينا عن الإمام أبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله أنه قال: (لو صنفت كتاباً بدأت في أول كل باب منه بهذا الحديث)، وروينا أيضاً عنه أنه قال: (من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ بهذا الحديث).
وقال الإمام أبو سليمان حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي الشافعي الإمام في كتابه المعالم: كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم حديث: (إنما الأعمال بالنيات) أمام كل شيء يُنشأ ويبتدأ من أمور الدين؛ لعموم الحاجة إليه في جميع أنواعها).
انتهى كلام النووي -رحمه الله تعالى- في شرح المهذب.