سمى ترك العمل مع النبي -عليه الصلاة والسلام- عمل، الصيام من أفضل الأعمال، المقصود أن العمل أعم من الفعل، ولذا كل تواطئوا على كلمة (فعل)، ولم يقولوا: عمل، والتقسيم السابق الذي هو أقسام الكلام، تقسيم الكلام إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى تقدم أن سببه أو وجه الحصر في هذا التقسيم المبني على الاستقراء التام مرد ذلك إلى أن الكلمة إما أن تفيد معنىً في نفسها أو لا تفيد، فإن لم تفد معنىً في نفسها فهي الحرف، وإن أفادت معنىً في نفسها إن اقترن بحدث فهو الفعل، وإن لم يقترن بحدث فهو الاسم، ودرسنا هذا اليوم فيما يفيد معنىً في نفسه ويقترن بالحدث وهو الفعل.
"الأفعال ثلاثة: ماض ومضارع وأمر".
نعم، ماضي ومضارع وأمر، ثلاثة، هل يمكن أن يوجد رابع؟ ماضي: يعني حصل الفعل في زمن الماضي لزمن التكلم، المتقدم والسابق لزمن التكلم، (ضرب زيد عمراً)، ضربه وانتهى، هذا الأصل، وإلا قد يأتي الفعل بصيغة الماضي ويراد به المستقبل لتحقق الوقوع فكأنه واقع، كما في قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [(1) سورة النحل] لكن الأصل في الفعل الماضي للحدث الذي مضى وانتهى، (ضرب زيد عمراً)، هذا الماضي، والمضارع: هو ما دل على حدثٍ في الحال أو الاستقبال، في الحال والاستقبال، (يضرب زيد عمراً)، يضربه في الحال الآن أو يضربه مستقبلاً، والثالث: ما تمحض للمستقبل وهو الأمر: (اضرب زيداً) هل يمكن إذا قلت لولدك أو لغلامك أو لمتبوعك: (اضرب زيداً) يكون قد ضربه وانتهى؟ لو قدّر أنه ضربه وانتهى وقلت له: (اضرب زيداً) إنشاء أمر جديد، والحصر في الأفعال الثلاثة مردّه إلى الاستقراء، ولذا الزمن لا يخلو إما أن يكون قد مضى، وإما أن يكون الحال أو في الاستقبال:
ما مضى فات والمؤمل غيبٌ ... ولك الساعة التي أنت فيها