إنما تكلم العلماء في العقائد على الصحابة رداً على الرافضة الذين يكفرون أكثر الصحابة، وسبب ذلك أن الرافضة اعتقدوا في علي رضي الله عنه هذه العقيدة السيئة، وهي: أنه أولى بالخلافة من الصحابة الذين قبله أبي بكر وعمر وعثمان، ورووا أحاديث مكذوبة أنه وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه الذي أوصى إليه.
فلما عرفوا أن الواقع يخالف ما ذهبوا إليه اعتقدوا أن أبا بكر وعمر وعثمان كلهم اغتصبوا ما ليس لهم من هذه الولاية والخلافة، وخطئوا الصحابة الذين بايعوهم، واعتقدوا أن علياً مظلوم؛ حيث أخذ منه الأمر وهو أولى به، فهو أولى بالإمامة وأولى بالخلافة، ولم يقفوا عند هذا الحد بل اعتقدوا كفر هؤلاء الصحابة واعتقدوا أنهم ارتدوا، وطبقوا عليهم الحديث الذي فيه: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، وأخذوا يجمعون ويلفقون الأكاذيب عليهم؛ فاحتاج أهل السنة إلى أن يردوا هذه الأكاذيب، فاعتنوا بالأحاديث التي في فضائل الصحابة، وبينوا أن ترتيب الصحابة في الخلافة هو كما وقع، وأن أحقهم بالخلافة هو أبو بكر الذي سموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمعوا على ذلك دون أي اختلاف، وبايعه الصحابة كلهم؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم رضي به خليفة له في حياته في الصلاة لما مرض، فقال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، ولما قالت له عائشة وحفصة: لو أمرت عمر فقال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس؛ فإنكن صواحب يوسف)، فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام التي كان صلى الله عليه وسلم مريضاً فيها، واستمر ذلك، ولما توفي صلى الله عليه وسلم اتفقوا على بيعته إماماً وخليفة عليهم، وقالوا: رضينا لدنيانا من رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا، أي: ما دام أنه استخلفه في الصلاة فإنه أحق بأن يكون خليفة في الولاية العامة، فاتفقوا عليه ولم يختلفوا.
والأحاديث التي في فضله رضي الله عنه كثيرة ذكر أكثرها الإمام أحمد في كتابه الذي سماه (فضائل الصحابة)، وكذلك الأحاديث التي في فضل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.