Q فضيلة الوالد حفظك الله! هل من نصيحة عامة لأبنائك الشباب؛ لأن مثلك قد مرت عليهم الأيام والسنون وأكسبتهم العلم والتجارب والمعارف، نسأل الله لنا ولك الخير والبركة في الجهد والعمر، وأن ينفع بك، فهل من كلمة تختم بها لأبنائك وتلاميذك؟
صلى الله عليه وسلم أعتقد أنه قد مر بي مثل ما مر بهم، أو مر بكثير منهم أمور لم تخطر على بالي، ولم تمر بي، وأنهم إن شاء الله أهل تجربة وأهل معرفة، وأعتقد أيضاً أن كثيراً منهم يعرفون ما لا أعرف، ويستحضرون ما قد يغيب عني، ولكن مع ذلك نتواصى جميعاً بما أمر الله به وهو تقوى الله تعالى التي هي وصية الأولين والآخرين، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:131]، ونعرف أن هذه الكلمة كلمة جامعة يدخل فيها الأعمال الخيرية فعلاً، وترك الأعمال السيئة والبعد عنها، ونتواصى أيضاً بتعلم العلم النافع وبالعمل به كما أمرنا الله بقوله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3].
فيوصي بعضنا بعضاً بأن نعمل بالحق ونصبر على ما يصيبنا في ذات الله تعالى، ونتواصى أيضاً بأن ندعو إلى الله، فإذا من الله عليك بالهداية فلا تحتقر نفسك بأن تدعو إخوتك الذين تثق بأنهم يقبلون منك أو يتأثروا بك حتى ولو لم يكن هناك رجاء محقق، لكن لا تيأس من روح الله، ولا تقنط من رحمة الله، ولا تقل: الناس هالكون، ولا فائدة في كلامي، بل ادع إلى الله بقدر استطاعتك، ومن رأيت منه منكراً أي منكر ولو صغيراً ونبهته فقد يهديه الله تعالى على يديك، فيكون ذلك سبباً لنجاته وأجراً لك وثواباً عظيماً، وسواء كان ذلك من المسلمين أو من الكفار، فلا تحتقر إذا رأيت كافراً أو عاصياً أن تنصحه بأدنى نصيحة، حتى ولو كان عاصياً بأقل معصية، فربما يتأثر وينتفع ولو أنها من صغائر الذنوب.
فلو رأيت -مثلاً- من يدخن ونبهته على تحريم الدخان ومفاسده فقد ينتبه لذلك ويتذكر، ولو رأيت -مثلاً- من يحلق لحيته ونبهته ونصحته، فربما يتأثر ويعرف أن هذا حق، وإذا نصحه إنسان ثم نصحه في اليوم الثاني آخر ثم في الثالث، ثم تواترت عليه وتوالت عليه النصائح فسيكون خجلاً وسيستحيي من أن يظهر أمام من ينكر عليه ممن هو مثله أو ممن هو دونه، وكذلك أيضاً نتواصى مع بعضنا بأن نتمسك بالكتاب والسنة في جميع أحوالنا.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.