من جوانب عظمة عمر رضي الله عنه وأرضاه اهتمامه بالرعية، فقد حمل على كاهله شئون رعيته، فهو أمير المؤمنين، والإمارة ليست تشريفاً، بل هي تكليف، وكثيراً ما كان عمر يقول: وددت أن أخرج منها كفافاً لا لي ولا علي، وكثيراً ما كان يقول: ضع خدي على التراب عل الله يغفر لي.
فانظروا إلى مبادئ عمر وهو أمير المؤمنين كيف يهتم بشئون الرعية، وهو من قال: قوام الحياة الآمنة وقوام العزة وقوام الكرم لا يكون إلا في نصاب الدين، فصب اهتمامه على الأمر الديني، ثم الأمر الدنيوي.
ومن شئون الدولة التي كان يهتم بها عمر جداً: دين الناس، ولذلك قال: لن تنتصر أمة ولن ترتقي أمة ولن يكشف عنها الغمة إلا بالدين، والدين لا يصل الإنسان إليه إلا بالعلم والتعلم، فلذلك نجد عمر رضي الله عنه وأرضاه اهتم اهتماماً كبيراً بالمدارس الفقهية والحديثية والعلم، حتى ينتشر العلم في الأمصار والبلاد، فكان يعظم أهل العلم، ويخرج للناس عظماء لهم القدر الأعلى، حتى يأتسي الناس بهؤلاء ويأخذون منهم العلم، فيرتقون عند ربهم جل وعلا، ويأمنون في الدنيا، ويصلون إلى رضا الله جل وعلا في الآخرة.
وكان أهم ما كان يشغل عمر رضي الله عنه وأرضاه أن ينصب من هو أهل ليعلم الناس، فبعث في الأمصار الصحابة الكرام، وتأسست مدرسة الكوفة ومكة والبصرة، المدارس الفقهية المختلفة كلها كان على رأسها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم باهتمام عمر رضي الله عنه، وكان يبين للناس أن طلب العلم هو أفضل شيء يمكن أن نرتقي به، فكان يقول: المرء يتحمل ذنوبه ثم يذهب إلى مجالس العلم فيرجع كيوم ولدته أمه، أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه، والمعنى: أنه إذا جلس في مجلس علم يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فرضي الله عن عمر وأرضاه.