الرد على استدلالهم بقوله عليه الصلاة والسلام: (نور إني أراه)، أن هذا الحديث الصحيح فيه أنه انقلب على الراوي، وهو وهم منه، والصحيح في الروايات كلها: قوله: (نور أنى أراه؟)، أي: كيف أراه؟ وأما ابن عباس وما ذهب إليه فقد وصلنا عنه قولان: القول الأول قال: محمد رأى ربه، بالإطلاق، ثم جاءت رواية بسند صحيح قال فيها: رأى محمد ربه مرتين بفؤاده.
فقيد الرؤية بالقلب، فيحمل قول ابن عباس المطلق على المقيد، ونحن نوافقهم في ذلك، بل إن عائشة توافق في ذلك حيث قالت: إن محمداً رأى ربه، ولذلك لما قالوا لها: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه قالت: قف شعري مما تقول، من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية)، يعني: أخطأ خطأ فاحشاً أن يقول: إنه رأى ربه، ثم استدلت على ذلك بقول الله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعام:103]، وهذا الاستدلال فيه نظر، ولكن ما ذهبت إليه هو الصحيح، وهو أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في الدنيا، ويراه في الآخرة.