القول الثالث: وهو قول الجهمية والنفاة الذين قالوا: إن الله جل وعلا لا يرى في الدنيا ولا يرى في الآخرة.
واستدلوا بقول الله تعالى عندما سأله موسى {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:143]، فـ (لن) أصلها في اللغة للتأديب، والتأديب يتضمن عدم الرؤية في الدنيا وعدم الرؤية في الآخرة.
واستدلوا كذلك بقول الله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعام:103]، هذا الدليل السمعي، أما الدليل النظري فهو أنه لو أثبتم الرؤية فقد جسمتم؛ لأن المجسم هو الذي يرى، وإذاً زعمتم أن لله جسم، فقد شبهتم الخالق بالمخلوق.
وردوا على الاستدلال بقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22 - 23]، بأن المعنى: إلى ثواب ربها ناظرة، فينظرون إلى الأنهار وإلى الجنات وإلى حور العين وإلى الملائكة، ويتمتعون بنعم الله عليهم قد علموا بعذاب أهل النار.