قال: [وسمعت أبا أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرايضي رحمه الله الشيخ الصالح الأمين الثقة يقول غير مرة: كان رجل ضرير من أهل القرآن يقرأ علي، وأثنى عليه خيراً أبو أحمد، فقال لي بعدما مات الجعد لعنه الله: قد رأيت رؤيا.
فقلت: ماذا رأيت؟ قال: رأيت كأني كنت في مسجد وفيه جماعة من الناس يريدون الصلاة، وقد قام الإمام ليقيم الصلاة، فدخل رجل من برا -أي: من البر- وأسر إليه شيئاً، فالتفت الإمام وقال: قد مات جعد لا رحم الله جعداً، وحشا قبره ناراً وأراح المسلمين منه].
فموت الجعد كان لهذا الإمام بشرى طيبة، ولذلك أعلن قبل الدخول في الصلاة هذا القول، قال: [لا رحم الله جعداً وحشاً قبره ناراً، وأراح المسلمين منه].
ولذلك حمل هذا الإمام على أن يصلي على الجعد، فقال: والله لأصلين عليه وإن حملتموني على ألا أصلي عليه.
يعني: حتى لو لم تريدوا أن أصلي عليه لابد من أن أصلي عليه، فغضب عليه أهل السنة وتركوا الصلاة خلفه فترة من الزمان حتى قدموا إلى بيته، وقالوا: يا فلان، ما الذي حملك على أن تصلي على هذا الرجل؟ قال: وما الذي يمنعني من أن أصلي عليه؟ قالوا: كيف قلت في صلاتك؟ قال: والله ما قرأت فاتحة الكتاب، ولا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أبي الأنبياء، وإنما أخذتها من أولها إلى آخرها: اللهم احشره في زمرة فرعون وهامان وقارون، اللهم العنه في الدنيا والآخرة، اللهم املأ قبره عليه ناراً، اللهم لا تخلفه بخير في المسلمين.
وظل يدعو عليه، فاعترفوا به إماماً للمسجد وصلوا خلفه بعد ذلك.
قال الشيخ أبو أحمد: [قلت له: تعرف هذا الرجل الذي رأيت له الرؤيا؟ قال: لا والله ما أعرفه، ولا سمعت باسمه إلا في الرؤيا.
قلت: هذا من متكلمي المعتزلة، وقد مات في هذه الأوقات.
قال الشيخ أبو القاسم رحمه الله: وسمعته غير مرة يذكر أبا حامد المرورذي يثني على عمله، ويطنب في فضله وحسن صورته وجملته، فقال: رأيته في النوم وكأنه على سطح مسجد قاعد وحوله جماعة وسخة ثيابهم كأنهم يشبهون غلمان البزارين، وبين يديه طبق عليه عود يلوكه بأسنانه، وقد أسودت جلدة وجهه بعد حسنها ونضارتها في حياته، فلما نظرت إليه أنكر نظري وكأنه خُيل إليه أنه أنا نائله- أي: آخذ منه، أو مصيبه بشيء مكروه -لما أعلم مما كان يرمي به من بدعته.
فقال: إنا لا نظلم الله.
فقلت: ألا لعنة الله على الظالمين.
فهمَّ الذين حواليه بسوء يوقعونه بي، فقرأت: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255]، وأخذت أشير بأصبعي، وكان رحمه الله يشير في اليقظة كذلك وانتبهت].
وهذا النص لا أراه نصاً صريحاً ولا صحيحاً ولا جيداً، خاصة: وأن من رؤيت له هذه الرؤيا كان من كبار فقهاء الشافعية العاملين بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.