"بل كره بعضهم التحديث لمن في البلد أحق منه، وينبغي أن يدل عليه، ويرشد إليه" جاءك شخص يريد أنك تقرأ كتاب في العقائد تقول: اذهب إلى فلان، اذهب إلى فلان هو في هذا الباب راسخ، في الفقه اذهب إلى فلان، في أصول الفقه اذهب إلى فلان وهكذا، لأنك لا تجد عالم واحد يحيط بالدنيا كلها، بعضهم يقول: أنا أحدد الجهة، وأتعامل مع شخصٍ واحد أعرف نفسيته وكيفيته وطريقته أحسن لي من أن أتنقل من حلقة إلى حلقة، وكل يوم عند شيخ، وكل واحد يعطيني من العلم ما يختلف عن الآخر وهكذا، هذه وجهة نظر على كل حال، ومن أهل العلم السابقين من فعل ذلك يقرأ العلوم كلها، لكن ينبغي أن نقدر الرجال، ونعرف أقدارهم، وننزلهم منازلهم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرنا أن ننزل .. ، قالت عائشة: "أمرنا أن ننزل الناس منازلهم".
.... باقي؟ نسرده؟ وهو سهل نعم، أعطينا إياه.
قالوا: وينبغي عقد مجلس التحديث، وليكن المسمع على أكمل الهيئات، كما كان مالكٌ -رحمه الله تعالى- إذا حضر مجلس التحديث توضأ، وربما اغتسل وتطيب، ولبس أحسن ثيابه، وعلاه الوقار والهيبة، وتمكن في جلوسه، وزبر من يرفع صوته، وينبغي افتتاح ذلك بقراءة شيءٍ من القرآن تبركاً وتيمناً بتلاوته، ثم بعده التحميد الحسن التام، والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليكن القارئ حسن الصوت، جيد الأداء، فصيح العبارة، وكلما مرَّ بذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى عليه وسلم.
قال الخطيب -رحمه الله-: ويرفع صوته بذلك، وإذا مرَّ بصحابيٍ ترضى عنه، وحسنٌ أن يثني على شيخه كما كان عطاء يقول: حدثني الحبر البحر عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، وكان وكيعٌ يقول: حدثني سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث، وينبغي أن لا يذكر أحداً بلقبٍ يكرهه، فأما لقبٌ يتميز به فلا بأس.