يقول -رحمه الله تعالى-: "قالوا: وينبغي عقد مجلس التحديث" ينبغي للمحدث أن يعقد مجلساً للتحديث يقصد فيه تبليغ ما حمله عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الطلاب، كما أنه ينبغي أن يعقد مجالس للإملاء وهذه سنة متبعة عند أهل العلم، "وليكن المسمع –الشيخ- على أكمل الهيئات" لماذا؟ لأنه بصدد نقل كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، تكون هيئته وجلسته مناسبة، كان الإمام مالك -رحمه الله تعالى- "إذا حضر مجلس التحديث توضأ، وربما اغتسل وتطيب، ولبس أحسن ثيابه، وعلاه الوقار والهيبة، وتمكن في جلوسه"، كل هذا احتراماً لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"وزبر من يرفع صوته" أخذاً من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [(2) سورة الحجرات] فالذي يسمع قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويرفع صوته أكثر من هذا الصوت كان الإمام مالك -رحمه الله- يراه رفع صوتٍ فوق صوت النبي، وإن كان الصوت صوت القارئ، الصوت صوت القارئ بلا شك، لكن باعتبار هذا القارئ يقرأ حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- فكأنه رفع صوته على صوت النبي -عليه الصلاة والسلام- فحصلت مخالفة الآية من هذه الحيثية.
يقول: "وينبغي افتتاح ذلك -يعني مجلس التحديث- بقراءة شيء من القرآن تبركاً وتيمناً" كان الصحابة والسلف من بعدهم إذا اجتمعوا استمعوا إلى قراءة قارئ حسن الصوت في بداية المجلس أو في نهايته، أو فيهما معاً، ثم بعد هذه القراءة يبدأ المجلس بالتحميد الحسن التام، والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتحميد والتمجيد لله -سبحانه وتعالى-، وذكر نعمه وآلائه، ثم الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وآله من أهل بيته وذريته وأصحابه وأعوانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ لأن من دعا بظهر الغيب لأحد قيل: ولك بمثله، ومثله إذا دعا وذكر الله في ملأ ذكره الله -سبحانه وتعالى- في ملأٍ خيرٍ منهم، "وليكن القارئ حسن الصوت، جيد الأداء" لأن حسن الصوت سواءً كان في القرآن، أو في الحديث، أو في غيره يجعل للكلام قبول، ولذا أمرنا أن نزين القرآن بأصواتنا، ((زينوا القرآن بأصواتكم)).