"قال ابن خلاد –الرامهرمزي-: فإذا بلغ الثمانين أحببت له أن يمسك خشية أن يكون قد اختلط" وهذا مثل ما تقدم، وقد تقدم أيضاً أن بداية الطلب ليس له سن معين، بل متى فهم الخطاب، ورد الجواب ينبغي أن يبادر بطلب العلم، فلا يحدد بسن، وسبق أن ذكر المؤلف كغيره أن من أهل العلم من أهل البصرة والكوفة والشام كلٌ حدَّ سناً معيناً، منهم من قال: عشر يبدأ يطلب الحديث، ومنهم من قال: عشرين، ومنهم من قال: يبدأ يطلب الحديث ثلاثين، ومنهم من قال: أربعين واكتمل الأشد، طيب إيش يسوي. . . . . . . . .، قبل الأربعين، قبل الثلاثين ماذا يصنع؟ يقول: يحفظ القرآن، ويعرف الأحكام، يعني الحلال والحرام، لكن ماذا؟ على ما يعتمد في معرفة الأحكام؟ كيف يعرف الأحكام ولم يعرف الحديث؟ جلُّ الأحكام مأخوذة من الأحاديث، فينبغي أن يبادر بعلم الكتاب والسنة، والعلوم متكاملة يكمل بعضها بعضاً، فينبغي أن تؤخذ معاً بالتدريج؛ لأنها متكاملة، أما الذي يقول: أنا أقتصر على حفظ القرآن وقراءة كتب التفسير فإذا أتقنت ذلك انتقلت إلى السنة، متى ينتقل إلى السنة؟ نعم عليه أن يحفظ من القرآن القدر الكافي لتصحيح صلاته، ويحفظ منه أيضاً المفصل على أقل تقدير، ويحفظ من السنة ما يعينه على تحرير الأحكام. . . . . . . . . أحاديث الأحكام مثلاً، وما يرغبه في الآخرة، كأحاديث الترغيب ونحوها.

على كل حال الطريقة المتبعة عند أهل العلم لا سيما في المشرق حفظ بعض القرآن وإدخال العلوم الأخرى، بينما طريقة المغاربة يتفرغون لحفظ القرآن قبل كل شيء، ثم بعد حفظه وإتقانه ينتقلون إلى العلوم الأخرى، وفي كلٍ خير، على ألا ينسى القرآن؛ لأنه يخشى من تزاحم العلوم ينسى القرآن، فإذا التفت إليه في آخر عمره وجد أنه لا يستطيع أن يحفظ، يصعب عليه الحفظ، والله المستعان، وكلٌ على خير -إن شاء الله تعالى-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015