وقوله: ولا يمل، أي: ولا يمل الداعي من الدعاء.
وقوله: ألا إنني شربت أسود ... البيت، قال أبو زيد في "النوادر": يقال: ما سقاني فلان من سويد قطرة، وهو الماء يدعى الأسود، قال الشاعر:
ألا إنّني سقيت أسود حالكًا ... ألا بجلي من الشراب ألا بجل
يعني بالأسود: الماء، وبجلي: حسبي، ويقال: ما عنده طعام ولا شراب إلا الأسودان، وهما: الماء والتمر. انتهى. وسقيت بالبناء للمفعول. وقال ابن السكيت: ضربه مثلاً لفساد ما بينه وبينها، قال ابن الأعرابي: يعني كأس المنية، وقيل: يقول: كأني سقيت سمًا. وروى أبو عمرو: "ألا بجلي من النبيط ألا بجل" قال: وهي الحياة. انتهى. وروى الشيباني: "ألا بجلي من الحياة ألا بجل" وقال: روى خالد بن كلثوم: "ألا إنني سقيت أسود حالكًا" يعني: السم، وإنما أراد: شربت سمًا أسود حالكًا، ويروى: "ألا بجلي من الشراب ألا بجل" وبجلي: حسبي، قال الشاعر:
ألا ليت شعري هل لك الدّهر أوبة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
أي: حسبي. انتهى. ولا يخفى أن معنى البيت ليس على ما ذكره أبو زيد، وإنما معناه: إذا جاءني الموت استقبلته بانشراح قلب وطيب نفس، فإنه سهل بالنسبة إلى ما قاسيته في حبها، وجرّعته من سموم هجرها، فلا حاجة لي إلى حياة مع هذه المقاساة.
و"ألا" في الموضعين للاستفتاح، يستفتح بها الكلام الذي له شأن وغرابة، وينبه به السامع حتى يصغي له، ويعرف أن مضمون الجملة بعد "ألا" محقق. وقول العيني إن ألا هنا للتوبيخ والإنكار، كما في: