كان أول مبتدأ في الأكوان، وآخر خبر منعوت في الإنجيل والفرقان، وعلى آله خير الموارد والمصادر، وأصحابه النجوم الزواهر.

أما بعد، فقد نمقت أنملي هذه الشواهد، وتأملت ما فيها من السوانح والشوارد، فإذا هي عروس تجلى على معاهد الآداب، ويتلو من توسمها: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ)، ولله المولى مؤلفها عبد القادر فما أقدره! وما أسبق محلى مضمار البغدادي وأمهره! وما أوسع اطلاعه على مخبآت الكتب والدفاتر! وما أجرى يراعه بين الأوائل والأواخر! فجزاه الله خير الجزاء على هذا الصنيع، ورفع بأمثاله شواهد النحو والبيان والبديع، وسقى جدثه شآبيا الرحمة والرضوان، وأسكنه فراديس الجنان.

وقد كتب هذه النسخة بأقلام العجز والتقصير، بحسب ما جرى به أقلام التقدير، هو الفقير إلى الله مصطفى بن فتح الله الحلبي النحاس، ألبسه الله لباس الحظوظ والإيناس، برسم خزانة كتب الحضرة العلية بمناصب العلوم، والدوحة المثمرة بثمرات المنطوق والمفهوم، ألا وهي حضرة عظيم مكة وإمها، مفتيها وهمامها، المسند إليه كل كمال، والمسند حديثه الصحيح بالحسن المتواتر من الأقوال والأفعال، عمدة ذوي التمييز، خير قائم بالسنة وكتاب الله العزيز، سيبويه زمانه، والعلم المفرد بين أقرانه، لا يشار إليه بالبنان، ولا تبعث أروح المعاني سوى من صاحب البيان، صدر الشريعة الغراء، وكنز الهداية الذي جل معروفا وقدرا، مولانا الشيخ الأجل الأكمل أبي الأفضال عبد القادر المكي الحنفي، حفه الله بلطفه الخفي، ونفع بعلومه الشريفة، وزكي شيمة اللطيفة، وذهب بطول بقائه طراز مذهب أبي حنيف، وجزاه عني وعن المسلمين أحسن ما يجازي به إمام، قد قام لله بالله في بلده الحرام.

وقد فرغت من نسخ هذا المؤلف صبيحة يوم الخميس المبارك، ثاني ذي الحجة الحرام من شهور سنة ألف ومائة واثنين وعشرين، أحسن الله ختامها، وعلى الله حسن الختام، وعليه توكلي طول الدوام. وأقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015