تلاقوهم فتعرفوا كيف صبرهم ... على ما جنت فيهم يد الحدثان

قال ابن جني في "المحتسب" قرأ ابن مسعود {يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [البقرة: 284] جزم بغير وفاء، وجزم هذا على البدل من "يحاسبكم" على وجه التفصيل لجملة الحساب، ولا محالة أن التفصيل أوضح من المفصل، فجرى مجرى بدل البعض أو الاشتمال، والبعض: كضربت زيداً رأسه، والاستمال: كأحب زيداً عقله، وهذا البدل ونحوه واقع في الأفعال وقوعه في الأسماء لحاجة القبيلين إلى البيان، فمن ذلك قول الله سبحانه: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68 و 69] لأن مضاعفة العذاب هو لقى الآثام، وعليه قوله: رويد بن شيبان بعض وعيدكم ... . . . . . إلى آخر الأبيات الثلاثة.

فأبدل "تلاقوا جياداً" من قوله: "تلاقوا غداً خيلي" وجاز إبداله منه للبيان، وإن كان من لفظه، وعلى مثاله لما اتصل بالثاني من قوله: "جياداً لا تحيد عن الوغا" وأبدل "تلاقوهم" من "تلاقوا جياداً" لما اتصل به من المعطوف عليه، وهو قوله: "فتعلموا كيف صبرهم" وإذا حصلت فائدة البيان لم تبل أمن نفس المبدل كانت، أم مما اتصل به فضله عليه، أم من معطوف مضموم إليه، فإن أكثر الفوائد إنما تجتنى من الإلحاق والفضلات، وما أكثر ما تصلح الجمل وتتممها! ولولا مكانها لوهت ولم تستمسك، ألا تراك لو قلت: زيد قامت هند. لم تتم الجملة! فلو وصلت بها فضلة ما لتمت، وذلك كأن تقول: زيد قامت هند في داره، أو: معه أو بسببه، أو لتكرمه، أو فاكرمته أو نحو ذلك، فصحت المسألة لعود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015