والترحم يكون بالمسكين والبائس ونحوه، ولا يكون بكل صفة، ولا كل اسم، ولكن ترحم بما ترحم به العرب، وزعم الخليل، رحمه الله تعالى، أنه يقول: مررت به المسكين، على البدل، وفيه معنى الترحم، وبدله كبدل: مررت به أخيك، وقال:
فأصبحت بقرقري كوانسا ... البيت.
وكان الخليل يقول: إن شئت رفعته من وجهين. وقلت: مررت به البائس، كأنه لما قال: مررت به، قال: المسكين هو، كما قال مبتدئاً: المسكين هو والبائس أنت، وإن شاء قال: مررت به المسكين، كما قال:
بنا تميماً يكشف الضباب
وفيه معنى الترحم، كما كان في قوله: "رحمة الله عليه" معنى: رحمه الله، فيما يترحم به يجوز فيه هذان الوجهان، وهو قول الخليل. انتهى.
وقال السيرافي: الترحم إنما هو رقة وتحنن يلحق الذاكر على المذكور في حال ذكره إياه رقة عليه وتحنناً، وإعرابه ما ذكره، وقوله: كما تقول مبتدئاً: المسكين أنت ... إلى آخره. هذا أحد وجهي الرفع، والوجه الآخر أن تجعل المسكين ابتداء، وخبره مررت به، وقوله: وإن شئت مررت به المسكين؛ فتنصب .. إلى آخره. يريد: أن نصبه المسكين بإضمار شيء من ألفاظ الرحمة له، كأنه قال: ارحم المسكين. وما أشبهه. كما أن قوله "بنا تميماً" ينصب "تميماً" بإضمار شيء يوجب الاختصاص والفخر. انتهى.
قال ابن خلف: الشاهد فيه: نصب البائس بإضمار فعل على معنى الترحم، وهو فعل لا يظهر، قال أبو الحسن: وذلك أن تنصبه على البدل من الهاء في "لا تلمه"