ومهما أتيت من قبل أو بعد كلمة ... فكن عند شرطي واقض بالواو فيصلا
في "مهما" بحوث حسنة ذكرناها في "الشرح الكبير" وحاصله أنها في استعمال الناظم هنا، وفي قوله:
ومهما تصلها أو بدأت براءة
بمعنى متى ما، ووجه صحة هذا الاستعمال أن مهما مركبة من "ما" التي للشرط، ومن "ما" المزيدة للتأكيد، ثم أبدل ألف ما الجزائية هاء فصار مهما، وقد استقر أن "ما" الجزائية تضمن معنى الزمان، ولهذا يقال لها الظرفية، كقوله تعالى: (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) [التوبة/ 7] فمتى أبدلت ألف الظرفية هاء لدخول المزيدة عليها، صار معنى مهما: متى ما، ومتى كانت المبدلة غير ظرفية، لم تكن بهذا المعنى، والله سبحانه أعلم. انتهى.
وقد رده عليه سائر الشراح، منهم محمد بن الحسن المقرئ الشهير بالفاسي قال: موضعها نصب على معنى: أي إتيان أتيت، فإن قيل: جعلها بمعنى "متى ما" أوضح، وقد ذكر ذلك في قوله تعالى: (مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ) [الأعراف/ 132] فالجواب أن ذلك ليس بمذهب المحققين، وقد ذكر الزمخشري في "الكشاف" عند ذكر هذه الآية أن هذه الكلمة في عداد الكلم التي يحرفها من لا يد له في علم العربية في شيء، فيضعها في غير موضعها، ويحسبها بمعنى متى ما، ويقول: مهما جئتني أعطيتك قال: وهذا من وضعه، وليس من كلام واضع العربية في شيء، ثم يذهب فيفسر (مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ) بمعنى الوقت فيلحد في آيات الله وهو لا يشعر.
وقال شهاب الدين الحلبي الشهير بالسمين في شرحه: هذا الذي قاله، قول مرجوح مرغوب عنه، وقوله: إن "ما" الجزائية استقر فيها أن تكون للزمان .. إلخ، لم يقل النحويون ذلك إلا في المصدرية، أما الشرطية، فلا، إلا من لا يعبأ بكلامه. ومحل "مهما" النصب عل المصدرية، كأنه قال: أي إتيان أتيت، فالناصب له أتيت. انتهى.