لأنه كما يصح تقديرها بظرف كذلك يصح تقديرها بالمصدر، على معنى: أي إعطاء قليلًا وكثيرًا تعطي بطنك سؤله، لكن تعيين المصدرية، لأن في الظرفية شذوذًا وقولًا بما لا يعرفه جمع النحويين.
وقد نقلنا استدلال ابن مالك بالأبيات، ورد ابنه عليه مفصلًا في الإنشاد الواحد بعد الخمسمائة في بحث ما الشرطية.
قال أبو حيان في "شرح التسهيل" بعد نقل كلام ابنه: ويحتمل عندي بيت حاتم توجيهًا آخر غير ما ذكره ابن المصنف، وهو أن يكون "مهما" مفعولًا ثانيًا لتعط، وفرجك: مفعولًا أولًا، وسؤله: بدل من فرجك لا مفعول ثان، فلا يكون في البيت حجة على استعمال مهما ظرفًا، فتكون مهما في البيت نظيرها في قول امرئ القيس.
وإِنَّكِ مَهْما تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ
انتهى. قوله: "وإنك مهما تعط" كذا الرواية في أكثر نسخ "الحماسة" لأبي تمام، ووقع فيء بعضها: "وإنك إن أعطيت بطنك" وهي رواية ابن جني في "إعراب الحماسة"، ورواية القالي في "أماليه"، وعليها لا يكون شاهدًا في البيت لمهما، وهو آخر أبيات أربعة أوردها أبو تمام في باب الأضياف لحاتم الطائي وهي:
أَكُفُّ يَدِي عَنْ أنْ ينالَ التِماسُها ... أكُفَّ صِحابِي حينَ حاجاتُنا مَعَا
أبِيتُ هَضِيمَ الكَشْحِ مُضْطَرِمَ الحَشَا ... مِنَ الجوعِ أخْشى الذَّمَّ أَنْ أَتَضَلَّعا
وَإِني لأَسْتَحْيي رَفِيقِي أَنْ يَرَى ... مَكانَ يَدِي مِنْ جانِبِ الزَّادِ أَقْرَعا
وَإْنَّكَ مَهْما تُعْطِ بَطْنَكَ سُؤْلَه ... البيت