أي: فلا يرمين عن تحرف، يقال: شزن فلان، ثم رمى، أي: تحرف في أحد شقيه، وذلك أشد لرميه، أي: ليتها بليت حتى لا ترمي قلوبنا بالأحزانِ والأوجاعِ، وعفا المكان يعفو عفوًا وعفوًا وعفاء: درس وانمحى، وعفَّى غيره تعفيةً درسه، والرسمُ: ما لصق بالأرض من آثار الديارِ مثل البعر والرماد. وقوله: لما نسجتها، تعليل لعدم العفاء والاندراس، قال الأصمعي: إنَّ الريحين إذا اختلفا على الرسم لم يعفواه، فلو داومت عليه واحدة، لعفته. لأن الريح الواحدة تسفي الترابَ على الرسمِ فيُدرس، وإذا اعتورته ريحان فسفت عليه إحداهما فغطته، ثم هبت الأخرى كشفت عن الرسم ما سفت الأخرى، فيكون نسج الريحين اختلافهما بالتراب، فواحدة تغطي، والأخرى تكشف، وفاعل نسجت ضمير ما، و"من" بيان لما، فتكون ما عبارة عن ريح الجنوب، والشمال، وهما ريحان متقابلان، فيكون مراد المصنف أنه أنث الضمير العائد على "ما" لتفسيره بالمؤنث من الجنوب والشمال، كما أنث الضمير العائد على مهما لما فسر بمؤنث وهو خليقة، و"ها" من نسجتها ضمير المواضع الأربعة.
وقد بسطنا الكلام على هذين البيتين في الشاهد السابع والثمانين بعد الثمانمائة من شواهد الرضي.
وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
على أنَّ ابن مالك زعم أنَّ "مهما" فيه ظرف زمان، قاله في "شرح الكافية" وأنشد لما ادعاه أبياتًا كثيرة، ورده ابنه، فقال: لا أدري في هذه الأبيات حجة،