وقبول قول الرسول؛ فإن وجد معه اعتقاد وتصديق بالقلب فهو الإيمان،

وإلا فلا؛ فالإيمان أخصّ من الإسلام، وإطلاق أحدهما على الآخر جائز

بطريق التجوز.

قلنا: الإيمان هو التصديق بالله، والإسلام: إما أن يكون مأخوذا من

التسليم؛ وهو تسليم العبد نفسه لله، أو يكون مأخوذا من الاستسلام وهو

الانقياد. وكيف ما كان فهو راجع إلى ما ذكرنا من تصديقه بالقلب

واعتقاده أنه تعالى حالته لا شريك له.

وجواب آخر: قوله تعالى: (وَمَن يَبتَغ غَيرَ الإسلاَم دينا فَلَن يُقبَلَ

منهُ) (?) وقوله تعالى: (إِنَّ الدِّين عندَ الله الإِسلاَمُ) (?) بينَ أن دين الله

هَو الإسلام، وأن كل دين غير الإسَلامَ غير مقبول؛ والإيمان دين لا

محالة، فلو كان غير الإسلام لما كان مقبولاً؛ وليس كذلك.

وجواب آخر: لو كانا متغايرين لَتُصور أحدهما بدون الأخر، ولتُصور

مسلم ليس بمؤمن. والجواب عن الآية- أعني: قوله تعالى: (قَالَت

الأعرَابُ آمَنَّا) - أن المراد بـ " أسلمنا ": استَسلمنا أي: انقدنا، وسؤالَ

جبريل- عليه السلام- ما كان عن الإسلام؛ بل عن شرائع الإسلام.

قوله: " خمسُ صلوات " مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هو

خمس صلوات، ويجوز الجرّ؛ على أن يكون بدلا من الإسلام،

والنصب- أيضاً- على تقدير: خُذ أو هاك أو نحو ذلك. ثم هاهنا

محذوف تقديره: إقامة خمس صلوات؛ لأن غير الصلوات الخمس ليست

عَين الإسلام؛ بل إقامتها هي من شرائع الإسلام.

/قوله: " إلا أن تطوع " بتشديد الطاء؛ أصله: تتطوع، فأدغمت

إحدى التاءين في الطاء، وهذه قاعدةٌ: أن التاءين إذا اجتمعتا في باب

التفعل تدغم إحداهما في الأخرى طلبا للتخفيف. وقال ابن الصلاح:

محتمل للتشديد والتخفيف على الحذف، ثم الاستثناء فيه يجوز أن يكون

منقطعا بمعنى " لكن "؛ والأصح أن يكون مُتصلا، ويستدل به على أن من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015