شرع في صلاة نفل أو صوم نفل وجب عليه إتمامُه، واستدلت الشافعية
بهذا أن الوتر غير واجب. والجواب عن هذا: أنه كان قبل وجوب الوتر
يدل أنه لم يذكر فيه الحًج، وسنتكلم على وجوبيّة الوتر في موضعه إن
شاء الله تعالى.
قوله: " وذكر له رسول الله الصدقة " المراد منها: الزكاة؛ كما في قوله
تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ) الآية (?) .
قوله: " فأدبر الر جل " أي: وَلَى.
قوله: " وهو يقول " جملة وقعت حالا عن الضمير الذي في " أدبر ".
قوله: " لا أزيد ولا أنقص " أي: لا أزيد على ما ذكرت ولا أنقص منه
شيئاً.
فإن قيل: كيف قال: " لا أزيد على هذا " وليس في هذا الحديث
جميع الواجبات، ولا المنهيات الشرعية، ولا السنن المندوبة؟ قلنا: قد
جاء في رواية البخاري في آخر هذا الحديث: قال: " فأخبره رسول الله
بشرائع الإسلام، فأدبر الرجل وهو يقولُ: لا أزيد ولا أنقص مما فرض
الله علي شيئاً " فعلى عموم قوله: " بشرائع الإسلام " وقوله: " مما
فرض الله " يزول الإشكال في الفرائض. وأما النوافل: فقيل: يحتمل
أن هذا كان قبل شرعها، وقيل: يحتمل أنه أراد أن لا أزيد في الفرض
بتغيير صفته؛ كأنه يقول: لا أصلي الظهر خمسَا، ويحتمل أنه أراد أنه لا
يصلي النافلة مع أنه لا يُخلُّ بشيء من الفرائض.
قوله: " أفلح إن صدق " أي: فاز وظفر بالنجاة إن صدق في قوله.
قيل: هذا الفلاح راجع إلى قوله: (ألا أنقص " خاصةَ.
قلت: الأظهر أنه عائد إلى المجموع، بمعنى أنه إذا لم يَزد ولم ينقص
كان مفلحا؛ لأنه أتى بما عليه، ومَن أتى بما عليه فهو مفلح، ينتج أن
هذا مفلح، وليس فيه أنه إذا أتى بزائد لا يكونُ مفلحا؛ لأنه يعرف
بالضرورة أن الذي يفلح بالواجب فبالندب أولى وأجدر.