مطابقا لسؤاله؛ لأن الصلوات الخمس وصيام رمضان وإيتاء الصدقة
المذكورة هاهنا ليست عَين الإسلام؛ وإنما هي أركان الإسلام وشرائعُه كما
ورد في حديث آخر: " بني الإسلام على خمس " الحديث؛ والمبنيّ غير
البني عليه. وقد تكلمت الناس في حقيقة الإسلام والإيمان؛ فقال
الزهري: الإسلام: الكلمة، والإيمان: العمل، واحتج بقوله تعالى:
(قَالَت الأعرَابُ آمنا قُل لَّم تُؤمنُوا وَلَكِن قُولُوا (?) أسلَمنَا) (?) . وقال
البغويَ: الإسلام: اسم لما ظَهر من الأعمال، والإيمان: اسم لما بطن
من الاعتقاد؛ لجوابه- عليه السلام- في سؤال جبريل عن الإيمان
والإسلام هكذا. وقال أصحابنا: الإيمان هو التصديق بوجود الله تعالى
وكمالاته وبملائكته وكتبه ورُسُله واليوم الآخر؛ قال الله تعالى: (اَمَنَ
الرَسُولُ بمَا أُنزِلَ إِلَيه مَن ربه) الآية (?) ، وقال النبي- عليه السلام-
حين سُئلَ عن الإيمانَ: " أنَ تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم
الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى " والأعمال غير داخلة في ماهية
الإيمان؛ خلافا للأشعرية والمعتزلة والخوارج، والإيمان والإسلام
متلازمان، لا عبرة للتصديق بدون الانقياد للأوامر والنواهي، وكذا على
العكس. وأما قول النبي- عليه السلام-: " أن تشهد بأن لا إله إلا الله
وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة " الحديث، فالمراد به: شرائع الإسلام؛ لا
نفس ماهية الإسلام- كما ذكرنا-؛ لأن الفاسق مسلم عند أهل السنة.
وقال الشافعي: الإيمان: التصديق بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل
بالأركان. ونقل ذلك عن عليّ- رضى الله عنه- (?) . وأما الإسلام:
فهو بمعنى الاستسلام- أي: الانقياد- لغة، وفي الشرع: الخضوع،