وأما (لا) فيعطف بها منفي بعد إثبات، لقصر الحكم على ما قبلها: إما قصر إفراد، كما إذا اعتقد إنسان أن زيدًا كاتب وشاعر، وهو مخطئ في اعتقاد كونه شاعرًا، وأردت أن ترده إلى الصواب، فقلت: زيد كاتب لا شاعر، وإما قصر قلب، لاعتقاد المخاطب إلى غيره، كما إذا اعتقد إنسان أن زيدًا جاهل، وأخطأ في اعتقاده، وأردت أن ترده إلى الصواب، فقلت: زيد عالم لا جاهل.

ويعطف بـ (لا) بعد الخبر كما مثلنا، وبعد الأمر، نحو: اضرب زيدًا لا عمرًا، وبعد النداء، نحو: يا ابن أخي لا ابن عمي.

ومنع أبو القاسم الزجاجي في كتاب معاني الحروف: أن يعطف بـ (لا) بعد الفعل الماضي، وليس منع ذلك صحيحًا لقول العرب: (جدك لا كدك) قيل في تفسيره: نفعك جدك لا كدك.

ومثله في العطف على معمول فعل ماض قول امرئ القيس: [من الطويل]

504 - كأن دثارًا حلقت بلبونه ... عقاب تنوفى لا عقاب القواعل

555 - وبل كلكن لا بعد مصحوبيها ... كلم أكن في مربعٍ بل تيها

556 - وانقل بها للثان حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي

من حروف العطف (بل)، ومعناها الإضراب، وحالها فيه مختلف، فإن كان [211] المعطوف بها // جملة فهي للتنبيه على انتهاء غرض واستئناف غيره، كما تقول: زيد شاعر بل هو فقيه.

وإن كان مفردًا، فلا يخلو إما أن يكون بعد نفي أو نهي أو بعد غيرهما، فإن كانت بعد نفي أو نهي فهي لتقرير حكم ما قبلها، وجعل ضده لما بعدها. وإلى هذا أشار بقوله:

وبل كلكن بعد مصحوبيها ... ..................

طور بواسطة نورين ميديا © 2015