هذا عند الأمير بدر الدولة والرئيس فضائل بن بديع وانه قد عوّل على قبضهما، فتحالفا عليه واتفق معهما أحداث حلب، فقاموا عليه ليلة الثلاثاء، ثاني شوال ليلاً والقمر في القوس في ست درج على تسديد زحل، وكان غلمان خطلبا وحجابه وأصحابه في قلة، وكلهم يشربون في البلد لأنه عشية عيد الفطر عند أصدقائهم ومعارفهم، فقبضهم الحلبيون وملئوا بهم الحبوس والمساجد ودار ابن الأقريطشي، وقيدوهم وأصبحوا معتقلين، وزحف الناس كافة على باب القلعة وحصروا القلعة، فقاتلهم النهار أجمع، ولما كان الليل نزل أحرق القصر الذي لم يكن في البلاد مثله، وأتلف ما فيه من السقوف والأبواب والأخشاب والرخام ودار الذهب حتى تواقع بعضه على بعض، وهجم الناس صبيحة تلك الليلة فنهبوا منه كل ما قدروا عليه، وقتل من الناس جماعة، ووصل إلى باب حلب الأميران: حسان بن كمشتكين البعلبكي وأخوه حسن صاحبا منبج وبزاعة بتاريخ السبت سابع شوال، وساماه الخروج معهما فأبا ذلك على أن يسلم حلب إلى بياض البلد وأبن مالك ويتسكع، فلما أبى طال الحصار، ووصل بعد ذلك جوسلين إلى باب حلب في مائتي فارس ونزل بابلاّ وتقدم إلى بانقوسا، ونفذ رسوله إلى حلب بتاريخ الأحد ثامن شوال وطلب خدمة فصانعوه ودافعوه. وفي آخر شوال وصل الملك إبراهيم ابن رضوان فأدخلوه إلى حلب وأكرموه ونادوا بشعاره، وخرج صاحب إنطاكية البيمند ونزل صلدع بتاريخ الأربعاء حادي عشر شوال، والمراسلة تعمل، وركبوا بكرة ذلك اليوم وضايقوا حلب، وركب الملك إبراهيم بن رضوان وبدر الدولة ونفر الحلبيون والرئيس ابن البديع في خلق عظيم وتراسلوا، فاستوت الهدنة ووقعت الأيمان على المدة المعلومة، وحمل إليه ما اقترحه يوم الخميس ثاني عشر شوال بعد أن أشرف الناس على الخطر العظيم. ودخل رسول الإفرنج قبض من حلب ألف دينار وقرر ألفاً أخرى وعاد إلى إنطاكية، وصار كلما ما غاب من الحلبيين رجل قد قتل او صلب، وطال الأمر على خطلبا، وحفروا خندقاً حول القلعة، فكلما خرج منها رجل أو دخل إليها أٌخذ، إلى نصف ذي الحجة وصل الأمير سنقر دراز والأمير حسن قراقش وجماعة أمراء في عسكر قوي إلى باب حلب، واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وخطلبا إلى باب الموصل إلى المولى الاصفهسلار الملك عماد