ونزلوا على باب توما، وبقوا ثلاثة أيام متصافين ولم يجر بينهما قتال، وخاف رفق فدخل بالخيام القصر وترك مضاربه الخاصة على حالها، وأصلح بين الطوائف، فتوقف الكتاميون حتى وصلهم من ماله بألوف دنانير دية القتلى، وعوض الخيام، ونهب العرب أكثر غوطة دمشق، وهرب أهل القرى إلى دمشق. ثم سار رفق إلى حمص وعرض العساكر بها وأثبت من العرب الكلبيين ألف فارس أخرى، وبلغه أن راشد بن سنان بن علباء هرب من الاعتقال بصور، وحصل بظاهر دمشق واجترأ على أكثر أعمالها وتسرعت العساكرية عند حصور رفق بحماة إلى نهب أعمال شيزر، إذ هي على أعمال حلب، ووصل إلى صلدى يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الأول، وخيم على جبل جوشن يوم الأربعاء الثاني والعشرين منه، ووقع الطراد، وأستأمن سلطان القرمطي في خمسمائة فارس من الكلبيين، وكان أخوه نبهان معتقلاً في قلعة حلب منذ أسر من كفرطاب، وأقتلوا يوم الجمعة، واستراحوا يوم السبت والأحد، ورد رفق الخزانة السلطانية إلى ورائه ليلة الإثنين سابع عشر من ربيع، وأمر العسكر أن يدفعوا أثقالهم إلى معرة مصرين، فاستشعروا الهزيمة، وأخذ العسكر من نصف الليل يرحلون، وانتهى ذلك إلى رفق فأتبعهم برسله يرسم لهم العودة فلم يرجع أحد وانهزموا، وأسفر الصبح وخرج من حلب خيل وظنوا أنها مكيدة، فلما تحققوا هزيمة العسكر نهبوا وأسروا، ونهب العرب بعضهم بعضاً والعسكر، وخرج الحلبيون نهبوا آثار العسكر من غلات وغيرها، ولحقوا رفق الخادم وجرحوه ثلاث جراح، وأدخلوا إلى حلب أسيراً مكشوف الرأس، وأختلط عقل رفق لأجل الجراح التي في رأسه ومات في القلعة بعد ثلاثة أيام، ودفن في مسجد بظاهر حلب. وأسرت الروم أصحاب الأطراف من المعسكر جماعة فأنكر سلطان ذلك عليهم وردهم إلى بلد الإسلام وكساهم.
- 18 - (?)
سنة 442: فيها مولد العمري الحلبي أبو القاسم سعد بن أبي عبد الله بن محمد ابن باقي بن عدي بن عمر، لحقته في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة وهو يومئذ عمره