كثرة الجماع، وكان دواؤه أن يقل الغذاء ويرطب بدنه قليلا قليلا ولا يتعب، فكان يستعمل ضد هذا ويريهم أنه يحتمي، فإذا خرجوا دعا بالجبن والزيتون والسموك والصحاني، فلم يزل كذلك إلى أن سقطت قوته، واشتدت علته في يوم الجمعة لإحدى عشر ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين، فوافى دار العامة مؤنس الخادم ومؤنس الخازن ووصيف موشجير، وديوداذ بن محمد بن أبي الساج وأخوه والفضل بن راشد في السلاح في جميع أصحابهم، وأحضر خفيف السمرقندي وأصحابه، وكذلك رشيق القاري وجعفر بن بغلاقر، وحضر القاسم بن عبيد الله والنوشجاني ويانس وثابت الرصاصي وبشر وغلمان الحجر، فسألوا القاسم أخذ البيعة لأبي محمد عليّ بن المعتضد فقال القاسم: لست أجسر أطلب مالا لهذا، وأخاف أن أنفق بلا إذن فيفيق أمير المؤمنين ويبل فأطالب بالمال، فقالوا له بأجمعهم: نحن نضمن المال لك وهو علينا، فقال: رأيكم فإن أمير المؤمنين المعتضد أمرني أن أسلم المملكة إلى ابنه أبي محمد والخلافة، فبايع الجميع يوم الجمعة بعد العصر وسمي المكتفي، وأفاق المعتضد يوم السبت فلم يخبر بشيء، ثم توفي ليلة الإثنين لخمس ساعات مضت من الليل، فبعث غداة الاثنين لثمان ليال بقين من شهر ربيع الآخر إلى محمد بن يزيد المهندس، فأعلمه صاف أن المعتضد أوصى أن يدفن في دار محمد بن عبد الله بن طاهر وينقل إليها أمهات أولاده وولده ليكونوا بالقرب من قبره، فمضى محمد بن يزيد وحفر قبرا عشر أذرع في خمس، وكفن في ثلاثة أثواب أدرج فيها وحضر القضاة والفقهاء، وغسله أحمد ابن شيبة عند زوال الشمس، وصلى عليه يوسف القاضي، وأدخل حفرته بعد ثلاث ساعات من ليلة الثلاثاء، وكتب القائم إلى المكتفي بالخبر، وقد كان كاتبه قبل ذلك بحقيقة حال المعتضد، وهو أخذ البيعة، فكانت مدة خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام، ومات وهو ابن خمس وأربعين سنة.
- 15 - (?)
في سنة ثلاث وثمانين غضب المعتمد على أحمد بن الطيب ووجه بشفيع