بخمسمائة ألف درهم، فقال: والله لا قبلتها إلا على شريطة، قال: وما هي؟ قال: يجيب أمير المؤمنين دعوتي مع من أراد، فوعدناه ليوم فجئناه فأنفق علينا المال كله، فوصله المعتز بمثله وانصرفنا.
حدثني عثمان بن محمد قال: حدثني حمدون بن إسماعيل قال: اصطبح المعتز في يوم ثلاثاء ونحن بين يديه، ثم وثب فدخل فاعترضته جارية كان يحبها، وما كان ذلك اليوم من أيامها، فقبلها وخرج، فحدثني بما كان وأنشدني:
إني قمرتك يا همي ويا أملي ... أمرا مطاعا بلا مطل ولا علل
حتى متى يا حبيب النفس تمطلني ... وقد قمرتك مرات فلم تف لي
يوم الثلاثاء يوم سوف أشكره ... إذ زارني فيه من أهوى على عجل
فلم أنل منه شيئا غير قبلته ... وكان ذلك عندي أعظم النقل فأمر أن يعمل فيه لحن خفيف، فشربنا عليه سائر يومنا.
وأنشدني عبد الله بن المعتز لأبيه:
بيضاء رؤد الشباب قد غمست ... في خجل ذائب يعصفرها
مجدولة هزها الصبا وغدت ... يشغل لحظ العيون منظرها
الله جار لهما فما امتلأت ... عيني إلا من حيث أبصرها وعملت عريب فيه لحنا.
وحدثني عبد الله بن المعتز قال: أنشدنا أحمد بن حمدون للمعتز في يونس ابن بغا وقد خرج من عنده ثم عاد:
الله يعلم يا حبيبي أنني ... مذ غبت عني هائم مكروب
يدنو السرور إذا دنا بك منزل ... ويغيب صفو العيش حين تغيب حدثني عبد الله بن المعتز قال: بويع المعتز بالخلافة وله سبع عشرة سنة كاملة وشهر، فلما انقضت البيعة قال:
تفرد لي الرحمن بالعز والعلا ... فأصبحت فوق العالمين أميرا