أبقاك رب الناس حتى ترى المعتز جدا وأبا جد ...
حولك من أبناء أبنائه ... تسعون من شيب ومن مرد
كلهم قد نال ما ناله ... آباؤه الزهر من المجد قال: فما بلغ أحد ممن أطال ما بلغت.
ودعوة المتوكل هذه ببركوارا لما أعذر المعتز دعوة مشهورة يقال إنها دعوة الإسلام، لم يكن قبلها ولا بعدها مثلها إلا ما يحكى في وقت بناء المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل. حدثني جماعة بها قد شاهدوها وجماعة من أولاد الخلفاء والجلساء عن آبائهم أن المتوكل جلس وقد مدت بين يديه مرافع ذهب مرصعة بالجوهر، وعليها من العنبر والند والمسك المعجون أمثلة على جميع الصور، ومنها ما قد رصع بالجوهر مفردا، ومنها ما عليها ذهب وجوهر وجعل بساطا ممدودا فأحضر الجلساء وسائر الناس فوضعت بين أيديهم صواني الذهب مرصعة بأنواع الجوهر وبين صوانيهم من الجانبين وبين طرفي هذا المعبى فرجة، وجاء الفراشون بزبل قد غشيت بالأدم مملوءة دنانير ودراهم نصفين، فصبت في الفرجتين حتى ارتفعت على الصواني، وأمر الناس أن يشربوا ويتنقل من يشرب من تلك الدنانير بثلاث جفنات بكفة كأنها ما كانت، وكلما جف موضع جيء بالزبل فرد إلى حاله، ووقف غلمان في آخر المجلس فصاحوا إن أمير المؤمنين يقول لكم: ليأخذ من شاء ما شاء، فمد الناس أيديهم إلى المال فأخذوه، وكان الرجل منهم يثقله ما معه فيخرج فيسلمه إلى من معه ويرجع، وخلع على سائر الناس بعد أن صليت الظهر خلعا حسانا على مراتبهم، وكذلك بعد العصر والمغرب، وأعتق ستة آلاف نسمة، ولم يتخلف عن هذا الأمر أحد، وكان فيه جلساء المتوكل كلهم.
وكانت دعوة المأمون حين بنى على بوران ابنة الحسن بن سهل، تسمى دعوة الإسلام حتى جاءت دعوة بركوارا فقيل هي مثلها وقيل أقل وأكثر.
وحدثني ابن المعتز قال حدثني العنبري قال: حدثني حماد بن محمد عن ابن السمط قال: لما نثر على المعتز يوم بركوارا لم ألتقط، فقال لي المتوكل لم لا