تجديد أوتشييع جنازة من يموت من الصالحين، أو عيادة مريض من المجاهدين، منهم ابو يعقوب بن إبراهيم الشهرزوري، ما زال لازماً للجانب الغربي من منبر طرسوس عشرين سنة لا يفارقه، إذا أخذ المؤذنون في أذان صلاة الظهر ختم القرآن قائماً مصلياً أو كاد يختم، ثم يصلي من الظهر إلى العصر كذلك، هذا دأبه إلى أن مات، رحمه الله.
- 6 - (?)
وقد رأيت في هذا المسجد ما لا أحصي، فممن أذكره وأعرف أبو يعقوب إسحاق بن خلاد التيلمي، وقد قرأت عليه مراراً عدة قراءات، وسمعت منه كتاب القراءات، لأبي بكر أبن مجاهد من أوله إلى آخره، فمر في مجلسه الذي يقرأ فيه أكثر من ثلاثين شيخاً قراء أستاذين عباداً يشار إليهم بالفضل والنبل والورد والزهد. فأما قوام إسحاق بن خلاد فإنه كان إذا فرغ صحى كل يوم من دراسة من يقرأ عليه صار إلى بستان قد فارق صاحبه على أجرته لعمله في كل يوم قبل شيءً من القت معلوم بثلثي درهم، ينفق من ذلك في مئونته ومؤونة زوجته ثلث درهم ويتصدق بما يبقى، ولم يذق شيئاً من الفاكهة بيده أربعين سنة، وعمله في البستان، وهو يسرد الصوم خمسين سنة، وهذا دأبه.
- 7 - (?)
وفي هذا المسجد [مسجد طرسوس] زبرج الثلمي الأسود، ترك اللذة وزينة الدنيا في أيام ثمل رحمه الله وحفظ القرآن وبرع فيه وتنسك وجعل قوته من المباح وقوام عيشه مما يجمعه منه من سنة إلى سنة، وكان يأوي إلى دويرة له بباب الصاف، طريقه أليها على رجل يعرف بأبي الحسن أبن العلاء الأذني وكان ابن