تجدد حزني بعد ما كان قد مضى ... بقائلة إن المهذب قد قضى
كريم غدا في كل قلب محببا ... إذا ما سواه كان فيه مبغضا
به كان ركن المكرمات مشيدا ... فغير عجيب إن عفا وتقوضا
يحرضني قوم على الحزن بعده ... ولست بمحتاج إلى أن أحرضا
وقد أمرضتني الحادثات لفقده ... فتالله لا أنفك ما عشت ممرضا
فلا يك إنسان حليف رضى به ... ففي مثل هذا الخطب لا يحسن الرضى
وأقرضني دهري أسى وصبابة ... فيا ليته استوفى الذي كان أقرضا
أيومض برق الجود بعد مهذب ... وما كان إلا من أياديه مومضا
وما بت إلا بالهمام محمد ... مدى الدهر عن إفضاله متعرضا
وإن أبا تمام ركني ومثله ... أبو اليسر إن صرف الردى بي تقوضا
فداموا على النعماء في ظل نعمة ... ولا زال من عاداهم الدهر مدحضا وله في رثائه أيضا:
نار الأسى بقلوبنا تتلهب ... لما ثوى شيخ العلاء مهذب
أراده صرف الحادثات وإنما ... أردى قلوبا بعده تتقلب
ما زال يعذب في الحياة ثناؤه ... وثناه بعد الموت منها أعذب
كالمسك يوجد غير أن نسيمه ... أذكى وأعذب في النفوس وأطيب
ولئن تسربل بالنعيم فإننا ... من بعده بلظى الجحيم نعذب
فسقى ثراه الغيث يهطل صوبه ... أبدا عليه ويستهل ويسكب [توفي المهذب سنة 428 فقد توفي الزاهد بعده] .
- 9 - (?)
قال حسين المؤدب المعري يرثي أبا تمام المفضل بن المهذب:
تخير منا الموت واسطة العقد ... أما كان منه أيها الموت من بد