يهنئه فقال: ادخل دخلت بطنك الشمس، فقد والله حيرتني وجننتني، فلما دخل أعطاه الرقعة فقرأها وقال: ويلك، ما اسم هذا الفلاح؟ فقال: الدابة يا سيدي فقال: وأي شيء يقر به؟ ويلك فما أقف عليه، أرى خمسة آلاف سابل ولا أدري ما بعده، فقال ياسيدنا خمسة آلاف سابل سرقين فقال له: وما السرقين؟ فقال: خرء البقر والغنم. قال: ياماص بظر أمه، أنا شاهد الخرء، ونهض إليه وهو مغتاظ فأخذ ينتف ذقنه ويضرب رأسه وفكه إلى أن جرى الدم من فيه وأخرجه، وجاء إلى الرئيس رحمه الله فحدثه بما جرى عليه فقال: يا هذا، الشهود يستشهدون في الخرا؟ أنت بالله أحمق. وجاءنا القاضي بعد العصر يشكو من جميلة ولزه وتوكله به، ويعتذر مما جره جنونه عليه، وما انتهى معه إليه، فضحكنا عليه، ومرت ساعة لنا طيبة بما أورده عليه.
- 14 - (?)
قال: وحدثني الرئيس أبو الحسين رضي الله عنه قال: حضر عندي القاضي أبو القاسم التنوخي يوماً وقد هرب الكافي أبو عبد الله القنائي ببغداد، وخرج إلى الأنبار ونظر أبي سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم، وكان التنوخي مائلاً إلى بني عبد الرحيم ونابياً عن أضدادهم. فبدأ بذكر القنائي وكان لي صديقاً بقبيح وزاد وخشن وخبط، فغمضت عيني واستلقيت على مخدتي لعله يكف ويقطع، فعلم ذاك مني فقفز إلي يحركني ويقول: والله ما أنت نائم، ولكنك ما تحب أن تسمع في القنائي قبيحاً. فقلت: ما أحب أن أسمع في القنائي ولا في غيره قبيحاً، وقد تناومت لتقطع فلم تفعل، ومضى، وبلغ القنائي المجلس بعينه. وعاد القنائي إلى بغداد ناظراً، ودخل التنوخي إليه مسلماً وخادماً فقال له: يا قاضي، ما فعلت بك قبيحاً يقتضي ذكرك لي وطعنك في، فقال: يا مولانا أنا مجنون. قال: إذا كنت مجنوناً فالمارستان لمثلك عمل، وفي حملك إليه ومداواتك فيه ثواب ومصلحة وكف لك عن الناس وأذاهم بجنونك وخباطك، يا