- 33 - (?)
حدثني أبو الحسن مهيار الشاعر قال: لما وزر أبو القاسم المغربي ببغداد تعظم وتكبر، ورهبه الناس، وانقبضت عن لقائه، ثم خفت عاقبة ذلك، فعملت فيه قصيدتي البائية المشهورة التي أولها:
هل عند عينك على غرب ... ودخلت إليه فوقفت بين يديه طمعا في أن يجلسني فما فعل، فأنشدته:
نعم دموع يكتسي تربة ... منها قميص البلد المعشب فرفع طرفه إلي وقال: اجلس أيها الشيخ فجلست، ومررت في القصيدة حتى بلغت إلى قولي:
جاء بك الله على فترة ... ثانية من يرها يعجب
لم تألف الأبصار من قبلها ... أن تطلع الشمس من المغرب فقال: أحسنت يا سيدي، فلما فرغت من الإنشاد جمع كل ما كان بين يديه من دينار ودرهم فدفعه إلي، وكان قدرها مائتي دينار، فقبلت الأرض وانصرفت. ودخل الصاحب أبو القاسم ابن عبد الرحيم رحمه الله فأعطاه دينارا ودرهما، فصاح بي: أيها الشيخ، فرجعت فسلمها إلي، وكان في الدينار ثلاثون مثقالا خالصا، ثم استدعى طستا وغسل كل ما مدح به من الشعر في ذلك اليوم.. وهذا وإن كان إحسانا من جانب فإنه سرف من جانب، ولو أحسن الدهر كله نهاره وليله لمحاه ما استجازه في الصاحب أبي القاسم، رضي الله عنه.
- 34 - (?)
حدث ابن نصر قال: حدثني الشيخ أبو القاسم ابن برهان النحوي قال، قال