بدعلج (?) في درب أبي خلف بإزاء داره فقلت له: لم أزل أسمع الناس يعظمون شأن هذه الدار وما أجدها كما وصفت، فقال لي: كان دعلج في هذه الدار، وكان شاهدا ومحدثا وعظيم الحال موسرا، وكان المطيع لله قد أودع أبا عبد الله ابن أبي موسى الهاشمي عشرة الآف دينار قبل إفضاء الخلافة إليه، فتصرف فيها وأنفقها وأدل بالقدرة عليها في طلبها، فلما ولي الخلافة طالبه بها، فوعده بحملها، ورجع إلى منزله وشرع في بيع شيء من أملاكه وثماره فتعذر، فألح المطيع بالمطالبة بالوديعة، فاعتذر بأنها مخبوءة ولا يقدر عليها إلا بعد ثلاثة أيام، فأنظره، فلما حضر وقت الوعد قلق ولم ينم ولم يتجه له وجه، وخاف أن يخرق به، ولم يعود ثلم جاهه، فركب في بقية الليل بغير غلام، وترك رأس البغلة تمشي حيث شاءت، فأفضت به إلى قطيعة الربيع، فدخلها وعطف إلى درب أبي خلف فإذا دعلج قد خرج وفي يده سمكة، فتأمله فقال له: خير؟ فقال: لا، [فقال] بالله انزل، فنزل ودخل داره وقص قصته، فقال: لا بأس، أي نقد كانت الدنانير؟ فقال: النقد الفلاني، فقال: يا غلام، أغلق الباب وحط ما عندك من العين واجلس مع الشريف وانتقد النوع الفلاني إلى أن أرجع من الحمام. فلما عاد كان الغلام قد انتقد القدر [المطلوب] فجعلها في أكياس وأنفذها مع غلمانه ثم قال: اكتب خطك في دفتري، فكتبت خطي بذلك إلى مدة أربعة أشهر وانصرفت. واستدعيت الظرف التي كانت دنانير المطيع فيه فنقلتها إليه وختمتها بالإسريحات التي كانت عليه، فأتاني رسول المطيع فحملت المال ووضعته بين يديه وقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يتقدم بوزنه، فقال: ما أفعل ذلك، وهي تحت ختمي، فخفت أن يتأمل الختم، فعجلت إلى كسره وحلفت بنعمته: لابد من أن تزنه، فوزن. واتفق أن دخل منضيعتي ثلاثة آلاف دينار قبل الأجل، فحضرت عند دعلج ودفعتها إليه فقال: لا إله إلا الله أيها الشريف، بم استحققت منك هذا؟ أرتجعه قبل المدة فأكون كذابا؟ فأمسكت الدنانير حتى تكاملت في وقتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015