والمحافل، والله تعالى يزيده كرما وفضلا، ويجعله لادخار كل منقبة أهلا، إنه على كل شيء قدير.
- 10 -
قال: حدثني أبو القاسم عبد الواحد بن محمد المطرز الشاعر (?) أن صديقا له كتب رقعة مذ خمسين سنة مشتملة على غرض له بألفاظ ليس فيها حرف ينقط، وأنه استصعب ذاك واقترح أن أكتب إليه رقعة على هذه الطريقة ليجيب عنها بشعر، قال: وكنت أسميه " الشيخ العالم " مزاحا، وكان المطرز يغضب من هذا اللقب:
العالم الأوحد؟ أطال الله عمره وأدام سعده، محل العصمة ودارها، ومعرس الحكمة ومدارها، وراحة كل صدر، وعدة كل حر، ومحط الرحال، ورأس مال الآمال، كل دهر أحال عهده مر، وكل صحو لا أراه معه سكر، حرس الله آلاءه، ولا أعدمه الطول وإسداءه، معلوم ما حاوله رعاه الله ملاحاة، وسأله معاداة أو مصاداة، لأحسر لسؤاله، ولأسمو لدرك محاله، ولعمر الله وعمره كل كلام اطرح معه العادة المعلومة، وهدر له الحال المعهودة، وعر مسلكه، وعسر مطلعه، وصار لمادة السداد هادما أساسه، ومحللا مرره وأمراسه، لا محله محل المكرم، ولا رصه رص المحكم، وهو سداد لعدم. ولو سواه حرسه الله سام ما سامه، لما أدرك مرماه ولا حمد مسعاه، ولا سمع دعاؤه، طول الدهر، ولا ساعده ساعد ولو مد له العمر، والسلام.
قال: وغدا مهيار علينا فأنشدنا لنفسه في هذا المعنى:
وعد لرملة كد الصدر ممطول ... دم الكرى معه ما سال مطلول
وصل هو الصد محمود موارده ... حل المحلا وهرم وهو محمول
أما صحا أو سلا إلا أعاد له ... عهد الأولى طلل كالسطر محمول
محاه كل ولود الرعد حامله ... مدار ما حار هاد وهو مدلول
راحوا وحل وكاء الدمع عاصمه ... وطاح ما طاح دمع وهو محلول
ساروا وكم أمل سار وراءهم ... وكل ما وعد الأملاء مأمول
وطاول الدهر عمر لا ملال له ... مع السرور وطول العمر مملول