وشرفني. لا أخلاه الله من نعم يفيضها عليه، ولا أعدمه تابعا يزدلف بالطرف إليه، بمنه وطوله، وجوده وفضله، إنه على كل شيء قدير.

قال: فأنفذ إلى جزءا بخط أبي الحسن ابن هلال ودينارا مصنوعا فيه عشرون مثقالا ودرهما مثله، وكتب إلي: ما رأيت مثل سيدنا - أطال الله بقاءه وجعلني فداءه - (وهكذا عادته في مكاتبتي) يحسن ويعتذر، فإنه قد أوجب بتأخره منة، وكفاني ببعده مؤونة، وقد أنفذت جزءا لا أصفه، ودينارا ودرهما لا أنعته، وإذا تأمل ما حملته إليه وحمله إلى وجد قدر التفاوت بيني وبينه، والسلام.

قال: وكان مزاحا مطرابا مؤثرا لهذا الفن، غير أنه كان يغلب عليه الشر، وكان تاب أن لا يضرب أحدا في يوم جمعة، ورايته في وقت الصلاة يوم جمعة من الجمعات وقد أمر بضرب أبي الطيب ملول بن فضلان الصيرفي الجهبذ، فسألته وذكرته العهد، فقال: إنما تبت أن أضرب بالمقارع، فقلت: هذا تأول طريف في اليمين.

- 9 -

وقال: حمل إلي الوزير أبو نصر العلاء بن الفيرزان - وهو إذ ذاك عامل في البصرة - ثيابا في بعض الفصول، ولم تجر العادة بها، وآثر أن يكتمها عن القاسم أبي الصالح كيوس أمير البصرة حينئذ خصوصا، وعن الكافة عموما، وكان في جملتها دراعة سقلاطون، وكتب يعتذر ويذكر أنه لم يجد ثوبا يشبهها، ووصفها وأطال، وكان أصلح ما وصفها به قوله: لم تبتذلها العيون فى المجالس، ولا افترع جيبها جيد لابس، فأنفذتها بخاتم ربها إلى مستحقها وتربها، وفي هذا بعض العهدة، ومن ينتقده من أهل الصنعة يعرفه. فكتبت إليه، وأعتمدت كسره بذمها: وصلت تحفة سيدنا الأجل وقبلتها على تجعدي من مثلها، ووجدته قد خص الدراعة منها بصفته، وأظهر فيها مكنون بلاغته، ولو أفرج لي عن ذلك لكان أحسن، وتركني وإياه لكان أشبه وأزين، وبعد فلكل موصوف عائب، ولكل ممدوح ثالب، وأظنه نسي أو تناسى أنه حكم فيها شبا الحديد، فبضعها من القدم إلى الوريد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015