- 7 -
قال: وأذكر وقد حضرت مجلسا في الحداثة فوصف رجل بالطرش، فقلت، هو أصلح؟ وصحفت - وكان إلى جانبي أبو عبد الله الحسين الشاعر المعروف بالخالع، فقال لي: صحفت، هو أصلخ - بالخاء المعجمة - فقلت: جزى الله الشيخ خيرا وأفاده وأثابه، فجذبني إليه وقبلني وقال: هذا هو الفلاح.
- 8 -
قال: وحدثني أبو نصر العلاء بن الفيرزان الوزير - وكان هش المحادثة طيب المحاضرة كثير المزح، لولا شر كان كامنا فيه، وسمعته يقول: حفظت " كتاب بغداد " لابن أبي طاهر وقرأته عشرين دفعة من أوله إلى آخره، وقرأت التاريخ لأبي جعفر بالفارسية والعربية، واتفق ان اشتكت عيني فتأخرت عنه، وعلم بذاك فأنفذ إلي غلاما ومعه صرة فيها خمسمائة درهم، فتركها بين يدي، ومعها من البياض قطعة مثل الزيق في طوله وعرضه، وانصرف ولم يخاطبني بلفظة، فلما فتحت عيني تأملت الكاغد وإذا فيه:
وخذ القليل من اللئيم وذمه ... إن القليل من اللئيم كثير وحملت إليه في ليلة نوروز دينارا روميا ودرهما خسروانيا وجزءا فيه أخبار منشورة من كل نوع، وكتبت إليه رقعة نسختها: أخرني عن حضرة سيدنا السيد الأجل [أطال] الله بقاءه عذر يسقط معه العتب، ويغفر لأجله الذنب، ومن المعاذر ما تعزف النفس عن ذكره، وتشوف إلى طيه وستره، لاسيما عن الأقلام التي تحفظ أسطارها، وتبقى على الدهر آثارها، وقد أقمت سنة الخدمة بجزء يصلح لخلوة الأنس، ويجمع أوطار النفس، ليس بجسيم يستجفى ولا ضئيل يحتقر ويزدرى، قد يحتوى من الاعتدال بين الواطي والعال؟ ؟ وتضل الأفهام في حزونته اللفظة الواحدة من مضمونه فقر الفضل وعيونه. ودينار ودرهم من ضرب كسرى وقيصر، فمن مثلي في ظرف هديتي، ومن يساجلني إذا جملني بقبولها