الحسين بن سعد وكان على القابون، فكان القاسم بن سيما يكنى أبى محمد وصاحب الخرائط قرابة أبي مروان يكنى أبا محمد فكنى إسماعيل هذا أبا المحمدين فبقي معروفاً بذلك، فحدثني إسماعيل عن هذه الوقعة قال: فصرت أليه غير مرة وهو راكب على نجيبه، وعليه دراعة ملحم، فقلت له: قد اشتد الأمر على أصحابنا، وقد قربوا منك، فتنح عن هذا الموضوع إلى غيره، فلم يرد علي جواباً ولم يثر نجيبه، فعدلت أليه ثانية فقلت له: قم، فانتهرني ولم يرم إلى أن وافته زانة - أو قال: حربة فسقط عن البعير، وكاثرنا من يريد أخذه فمنعنا منه، وقتل زهاء مائة إنسان في ذلك الموضوع، ثم أخذنا وتنحينا بأجمعنا. فقلت: أهذا الذي أقمتموه مقامه أهو أخوه؟ فقال: لا والله ما نعلم ذلك، غير أنه وافانا قبل هذه الحادثة بيومين فسألناه من أنت من الأمام؟ فقال: أنا أخوه، ولم نسمع من الشيخ شيئاً في أمره - يعني المتكني بأبي القاسم وكان هذا المدعي أخاه يكنى أبا العباس، وأسمه أحمد بن عبد الله، فعقد لنفسه البيعة على القرامطة، ودعاهم إلى مثل ما كان أخوه يدعوهم إليه، فاشتدت شوكته، ورغبت البوادي في النهب، وانثالت عليه أنثيالاً، وذلك في آخر شهر ربيع الآخر من هذه السنة، ثم صار إلى دمشق فصالحه أهلها على خراج دفعوه إليه، فانصرف عنهم، ثم سار إلى أطراف دمشق وحمص فتغلب عليها وخطب له على منابرها، وتسمى بالمهدي، ثم صار إلى مدينة حمص فأطاعه أهلها وفتحوا له بابها فدخلها، ثم صار إلى حماة وسلمية وبعلبك فاستباح أهلها وقتل الذراري ولم يبق شريفاً لشرفه ولا صغيراً لصغره ولا امرأة لمحرمها، وقتل أهل الذمة وفجروا بالنساء.
حدثني من كان معهم قال: رأيت عصاماً سيافه وقد اخذ من بعلبك امرأة جميلة جداً، ومعها طفل لها رضيع، فرأيته والله قد فجر بها، ثم أخذ الطفل بعد ذلك فرمى به قطعتين، ثم عدل إلى أمه بذلك السيف نفسه فضربها به فبترها. فلما اتصل عظيم خبرهم إقدامهم على انتهاك المحارم ودام، خرج أمير المؤمنين المكتفي بالله متوجهاً نحوه يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر رمضان في قواده ومواليه وغلمانه وجيوشه، وأخذ على طريق