وكانت أم الإخشيد معه بمصر، وكان الإخشيد قد جعل عندها خمسمائة دينار وديعة ما له سواها، وكانت أمه قد أشرفت يوماً على ابنها الإخشيد وهو يأكل وعنده جماعة، وعلى المائدة غضار وطيافير (?) قد تقشرت، فاغتمت وأخرجت من الخمسمائة دينار مائتي دينار واشترت مائدة حسنة وغضاراً صينياً وطيافير جدداً، ففرح الإخشيد بذلك وشكر أمه، ولم يدر من أين أشترت. فلما شرع الإخشيد في الهرب قال لأمه: أين الخمسمائة دينار؟ فأخرجت ثلاثمائة دينار، فقال لها: أين الباقي؟ فقالت: اشتريت مائدة وصينياً وطيافير. فقال: وأيش كنت أعمل بهذا؟ فأخذ الثلاثمائة وهرب واستترت أمه وسائر أسبابه، فجاء بعض الجند إلى تكين وقال: قد هرب الإخشيد، فقال: لا، استأذنني هو ومحمد ابني ليخرجا إلى الصيد، فقيل له: قد هرب والله، فأرسل تكين في أثره، فلحقوه في نواحي البقارة، فمانعهم وسار إلى دمشق. ثم جاءه كتاب التقليد واللواء وتمكن بدمشق.
وحدثني بعض أصحابه قال: كان للإخشيد عدة غلمان أكبرهم بدر الكبير الفحل، وكافور من صغار غلمانه، وكان قد جعل كافوراً على وضوئه.
ولما صح عند تكين هربه قلق لذلك، وكتب له كتاباً يستعطفه فيه ويقول له: لو أعلمتني لأعنتك وعضدتك، ويقول في فصل منه: (ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين، وفعلت فعلتك التي فعلت) ، فكتب إليه الإخشيد الجواب وفيه: فهمت كتاب الأمير أأطال الله بقاءه وما تلاه من القرآن والجواب ما أجاب به موسى الذي هو خير من الأمير ومني: {ففررت منكم لما خفتكم} ، (الشعراء 18 21) .
ثم قوي أمر الأخشيد بدمشق، وكاتب وصادر، ولم يزل يترصد أمر تكين. ثم تقلد محمد بن جعفر القرطي خراج مصر والشام، وقال ببغداد: أخاف أن يهرب الماذرائي، فكتب إلى تكين بأن يمسك محمد بن عليّ الماذرائي إلى موافاة محمد بن جعفر القرطي، وأنفذوا قائداً من بغداد لأن يمسكه، فبلغ محمد بن عليّ