حدثني أحمد بن عبيد الله، قال: كانت خزانة طغج للطيب تحمل في سفره على نيف وخمسين جملاً. وحدثني بعض عدول مصر قال: رأيت الحسين بن أبي زرعة قاضي مصر يتطيب فاستكثرت ما رأيت، فقال: لو رأيت طغج وهو أمير دمشق وله قبة مشبكة يتطيب فيها فإذا تطيب لم يخف على أكثر أهل دمشق بخوره لخروج القتار.
ولما عظم أمر صاحب الخال على دمشق وحصاره كتب طغج إلى بغداد مستنجداً لأنه حاصرهم مدة طويلة، فلما وردت عساكر بغداد تكاثرت فأخذ وحمل إلى بغداد.
قال طغج (?) : كنت بدمشق أخلف أبا الجيش أبن أحمد بن طولون فجاءني كتابه يأمر بالمسير إلى طرسوس وأن أقبض على راغب (?) وأقتله، فسرت إلى طرسوس وكان شتاءً عظيماً، فما أمكن أحد ان يتلقاني، فلقيني راغب وحده في غلمانه، وكان له مائتا غلام قد أشجوا العدو، فأنزلني وخدمني وقضى حقي، فأمسكت عنه، وحضرت معه غزاة أشجى فيها العدو، فقال لي جماعة من أهل طرسوس: بالله إلا ما صنت هذا الرجل عن القتل وأحسنت إليه، ففعلت وآثرت (?) رضى الله عز وجل، وانصرفت إلى دمشق، وكتبت إلى أبي الجيش أعتذر وأذكر أشياء منعتني من القبض على راغب، فما شعرت وأنا بدمشق حتى وافى (?) أبو الجيش فلقيته وخدمته وجلست معه ليلةً للشرب، فلما تمكن منه الشراب قال لي: يا طغج أشعرت بأنه ما جاء بي إلى دمشق سواك؟ فاضطربت، فلما رآني تغيرت قلب (?) الحديث، وانصرفت وأنا خائف منه، وعلمت أنه يقتلني كما قتل صافياً (?)