فلما قرأ ابن الموفق كتاب الواسطي قال لابن كنداج وابن أبي الساج: ما قعودكم؟ وضرب طبله وسار وساروا معه حتى كبسهم في شيزر وقتل منهم مقتلة عظيمة. وكان ابن الواسطي في الرملة يقطع الطريق فيما بين ابن أبا وسعد الأعسر وهما بدمشق، فسار أحمد بن الموفق إلى دمشق وكبسهما على غرة فانهزما إلى الكسوة وقتل من بقي من أصحابهما. ثم إنهم اجتمعوا وقصدوا ابن الواسطي فهزموه، وأخذ على طريق الساحل حتى لحق بأحمد بن الموفق ودخل المصريون إلى الرملة فنهبوا دار الواسطي وخزائنه.
ولما وصل أحمد بن الموفق وأبصر عسكر أبي الجيش هاله وأكبره، وصغر جيشه في عينه، فشجعه الواسطي وضمن له النصرة عليه وقال له: لا يغرك هذا فأكثرهم عامة: بقال وحائك وفاعل، فثق بالنصر ولا تجزع، إلى أن التقى العسكران وكانت النصرة على أحمد بن الموفق، فركبا دواب الهزائم ومر كل واحد منهما على حدة، فأما ابن الموفق فلم يرد وجهه عن دمشق شيء، فلم يفتح له أهلها بابها ومنعوه من الدخول، فمر على طيته إلى طرسوس، وأما ابن الواسطي فأدى به الهرب إلى أنطاكية فأقام بعا مديدة ومات كمداً.
2 - (?)
سنة278: وفي هذه السنة في صفر منها مات أبو أحمد الموفق وعقد العهد لابنه أبي العباس، وكان للموفق غلام خادم من جلة غلمانه يعرف براغب، فلما مات مولاه أحزنه موته، فأحب أن يسكن طرسوس، فأستأذن في ذلك فأذن له، فخرج قاصداً يريد الثغر، وكان خمارويه يومئذ بدمشق، فلما بلغ راغب إلى حلب وهم بالدخول إلى طرسوس قيل له: طرسوس من عمل أبي الجيش وهو بالقرب منك، فلو صرت إليه زائراً وقضيت حقه وعرفته ما عزمت عليه من المقام بالثغر ما ضرك ذلك، وكان أجل لمحلك، وأقوى لك على ما تريده، فبعث بثقله وبجميع ما