جمادى الأولى، وذلك أن تاج الدولة لما أراد العبور مختفياً ليمضي إلى خراسان، فبلغ خبره قسيم الدولة فخرج إليه فقال لأصحابه: الحقوني بحبال لكتاف الأسرى، استصغاراً لهم، فقال له سكمان بن أرتق: حركش هم؟ (أي أرانب هم) ولم يتمهل إلى حين تصله خيله فمضى واستعجل، فكسره تاج الدولة بأرض رمل وأسره ورحل من موضع الكسرة إلى حلب فملكها واستولى على المواضع التي كانت لقسيم الدولة، وجلس في قلعة حلب وشرب فيها واحضر قسيم الدولة كما حدثنا رومي بن وهب قال: حضرته وقد أحضر قسيم الدولة، فدخل وفي رقبته بند قبائه يسحب، فلا والله إن أنكرت من عزة نفسه شيئاً مما كنت أعرفه، فما زال يمشي حتى وقعت عينه على تاج الدولة، فجلس وأدار ظهره إليه، فسحبوه وكلموه فما رد جواباً مرتين أو ثلاثاً، فضرب رقبته بيده، وقطع رأسه فطيف به البلاد وحملت جثته فدفنت عند مشهد قرنبيا وبقي ليلتين، وسار تاج الدولة إلى خراسان، وبقي قسيم الدولة في قبره وقد طوف برأسه إقليم الأرض من الشام سنة خمسٍ وثمانين إلى سنة ست وعشرين إلى حين ولى السلطان والخليفة المسترشد بالله ولده زنكي بن آق سنقر وهو وعماد الدين. . ملك الأمراء بهلوان جهان عمر له مدرسةً تولى أمرها الشيخ الأجل الفقيه الإمام أبو طالب العجمي، ووقف عليها ضيعتين يساوي مغلهما ألف دينار كل سنة، وعمر بها عمارة معجزة رمته إليها، رأيتها في سنة سبعة وعشرين ولم تكنت أكملت، وهي تزيد عن الوصف، وجعل قبره قبالة البيت المسجد من الشمال، وأجرى إليها قناة من ماء، وغرس وسطها، وجعل القبر مثل قبر أبي حنيفة رضي الله عنه [هكذا نقلت من خط ابن منقذ وفيه أوهام من جملتها أنه قال فكسره بأرض سل، وليس كذلك بل بأرض سبعين أو كارس، وسل ليست من هذه الكورة، وبينهما مسافة يوم، من جملة أوهامه أنه قال: جلس في قلعة حلب وضرب رقبته آق سنقر، وليس الأمر كذلك، بل ضرب رقبته عقيب الكسرة بسبعين أو كارس، ورومي بن وهب حكى له صورة قتله، لأنه كان بحلب والذي قتله تاج الدولة صبراً بحلب هو بزان صاحب الرها، وكان انهزم في هذه الوقعة إلى حلب، فلما دخلها تاج الدولة أحضره وقتله، وقيل بل أسره وحمله إلى حلب فقتله؟