فقال: كذب من قاله. إن له لأجران، وجمع بين إصبعيه.إنه لجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ. قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بها مثله...."
قول الصحابي:" وجبت يارسول الله لولا أمتعتنا به" أي وجبت له الشهادة لقول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: يرحمه الله" فقد فهم الصحابي (وفي رواية" مسلم "أنه "عمربن الخطاب" – ح. ر: 18.7) أن هذا إنباء من النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بأن سيستشهد، فقال الصحابي لولا أخرت هذه الدعوة ليبقى معنا نتمتع بصحبته.
فهذا دالٌ دلالة بينة على أن صور الجهاد في سبيل الله عزَّ وجل لاتعد ولا تحصى، وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "
روى " البخاري " في " الجهاد " بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قوله
" ... من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهوفي سبيل الله "
فلسان المرء كسيفه إذا ما كان المرمى أن تكون كلمة الله هي العليا. إنِّ إخلاص النية، واتباع ما جاء به الكتاب والسنة يجعل كل عمل صالحًا، وكل عمل صالح يجعل كلمة الله أي شريعته هى العليا، فإذا ما جاء مرفوعًا عن " ابن مسعود ":" من كثَّر سَوَادَ قَوْمٍ، فهو منهم، ومن رضي عمل قومٍ كان شريك من عمل به" أخرجه أبو يعلى (32) فإن في هذا دلالة لاتغيم على أنَّ كل عمل فيه القصد إلى أن تكون كلمة الله هي العليا هو من الجهاد في سبيل الله.
.....
وجاء في هذه الآية تقديم الأموال والأنفس على قوله (في سبيل الله) وجاء في غيرها بتقديم في سبيل الله:
{} لايَسْتَوَي الْقَاعِدونَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ والْمُجاهِدونَ فِي سَبيلِ اللهِ بِأمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ... " (النساء: 95)
{} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وَجاهَدوا بِأمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِم في سبيلِ الله" (الأنفال:72)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(32) فتح الباري 13/31= ك: الفتن)