فالثقل الذي يناسب هذا هو الثبات في القتال كما قال " أبو الطيب ":
ثقالٌ إذا لاقَوا خِفَافٌ إذَا دُعُوا
وتستعار الخفة لقلة العدو، والثقل لكثرة عدد الجيش ...
وتستعار الخفة لقلة الأزواد أو قلة السلاح، والثقل لضد ذلك
وتستعار الخفة لقلة العيال،والثقل لضد ذلك
وتستعار الخفة للركوب؛ لأن الراكب أخف سيرًا، والثقل للمشي على الأرجل، وذلك في وقت القتال
قال النابغة:
علَى عَرَفاتٍ لِلطِعانِ عوابِسٌ بِهِنَّ كُلُومٌ بيْنَ دامٍ وجالِبِ
إذا اسْتُنْزِلُوا عَنْهُنَّ للضَّرْبِ ارْقَلُوا إلى المَوْتِ إِرْقَالَ الجِمَالِ المَصاعِبِ
وكل هذه المعانى صالحة للإرادة من الآية. (32)
وعطف (ثقالا) على (خفافًا) ليس للتنويع أي ليست " الواو" بمعنى " أو" فليس المعنى انفروا خفافا أو ثقالا، بل انفروا في الحالين، فكل مسلم له نصيب من الحالين فهو إن كان خفيفا من المرض فقد يكون ثقيلا من الأهل والولد، وهكذا
ولم يصرح بتقييد الأمر بالنِّفار،كما كان في قوله تعالى (إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله) لأن هذا القيد أضحى بيِّنًا مستحضرًا في النفس وأنَّ الله تعالى لن يكون منه أمر بالنِّفار إلى شيء إلا إلى سبيله، ولاسيَّما بعد ما كان من بسط في التهديد والوعيد والترهيب من ترك النِّفار إلى الجهاد في سبيله، ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(32) التحرير والتنوير 1./2.7}
وجاء قوله (جاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) معطوفًا على (انفروا) على الرغم من أن قوله (انفروا) معناه الدعوة إلى النّفارِ في سبيل الله، أفيكون هذا من قبيل عطف المؤكِّد على المؤكَّد؟
النِّفار فيه معنى الانزعاج وسرعة الحركة إلى الشيء، وهذا يكون عند مقاربة الخطر للأمة المسلمة، بحيث يجب الانزعاج والإسراع إلى ساحات الوغى.