قول "الطبري": أمر المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ... " لايعنى به أنَّ الأمر مقصور عليهم، بل يعنى أن الأمر أوَّل من خوطب به هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأن من كان حاله كحالهم إيمانًا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان مخاطبًا بذلك الأمر كمثلهم لاينقص منه شيء، فاختلاف الأعصار والأمصار لايلزمه اختلاف التكليف بالأمر والنهي، فهم وإن صحبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ذاتًا وإيمانا وسنة فإننا والحمد لله رب العالمين نصحبه إيمانا وسنة، فسنته قائمة فينا قيام ذاته، تراه قلوبنا في أسفار السنة ومعالم التمسك بها من الثُلَّة المباركة التى لن تخلو منها الأرض، وإن تداعت عليها الأمم وتظاهرت على سحقها الولاة.

روى الشيخان بسنديهما عن معاوية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:

" لاتَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمةً بِأَمرِ اللهِ، لايَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ "

{البخاري: العلم ـ من يردالله به خيرًا، ومسلم: الإمارة ـ لاتزال طائفة ـ النصُّ له ـ ح. ر: 174}

ويبين" ابوحيان"في تفسيره "أنَّ الخفة والثقل هنا مستعار لمن يمكنه السفر بسهولة ومن يمكنه بصعوبة وأما من لايمكنه كالأعمى ونحوه فخارج عن هذا " اهـ (31)

ويُفَصِّلُ "الطاهر بن عاشور" هذا بقوله إنهما كلمتان مستعارتان لما يشبههما من أحوال الجيش وعلائقهم، فالخفة تستعارللإسراع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3.) جامع البيان للطبري: ج 6/424

(31) البحر المحيط لأبي حيان:ج 5 / 44

إلى الحرب، وكانوا يتمادحون بذلك لدلالتها على الشجاعة والنجدة

قال قريط بن أنيف العنبري:

قومٌ إذا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ {} طاروا إِلَيْهِ زَرَافَاتٍ وَوُحْدَانَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015