وبين جملة (جعل كلمة الذين كفروا السفلى) وجملة (وكلمة الله هي العليا) مقابلة جليلة بين باطل زائل وحق راسخ، كفي الأولى سفولا إضافتها إلى (الذين كفروا) وكفي الأخرى علوًا إضافتها إلىاسم الجلالة، فإن المضاف ليكتسب من المضاف إليه صفاتٍ عديدةً

ولو أنَّ كُلَّ مُسلمٍ أقام في قلبه هذه المقابلة البيانية الإيمانية في كل موطن يتراءى له سراب عُلوٍ لكلمة الذين كفروا لأيقن أن هذا العُلُوَّ إنما هو سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وأن ذلك إنما ابتلينا به لنؤوب إلى ديننا وأنَّ حقًا علينا أن نعيد موقفنا من كتاب ربنا تعالى جَدُّه ومن سنة نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تَعَلُّمًا وتعليما وتأدُّبًا وتخلقًا على نحْوٍ يُرْضِي عنا ربنَّا عزَّ وعلا ويُرْغِمَ أنُوفَ أعدائه ويرهبهم وآخرين من دونهم في ديارنا من بنى جلدتنا.

إنَّ علينا أن نبالغ في التمسك بالكتاب والسنة والإبلاغ في إظهار ما يقلق أعداءنا من مظاهر السنة النبوية حتى تمتلئ قلوبهم كَمَدًا وهَمَّا، وذلك ضرب من ضروب المجاهدة في سبيل الله تعالى،وضرب من ضروب القراءة السلوكية لقوله تعالى: "وكلِمَةُ اللهِ هِيَ العلْيَا "

إن علينا أن نعلم أبناءنا وبناتنا في بيوتنا ومعاهد علومنا ثقافة المجاهدة في سبيل الله عز وجل،وأن نعلمهم أن الجنة التى خلقنا لطلبها والعودة إليها إنما هي تحت ظلال سيوقنا، وليس تحت ظلال قصورنا ومنتجعاتنا السياحية

وأن نعلمهم أننا وَلَدْنَاهم ليموتوا شهداء في سبيل الله إذا لم يكن من سبيل إلى إعمار الأرض التى استخلفنا فيها إلا ذلك السبيل: سبيل الشهادة في سبيل الله تعالى، فإننا نستعمر الأرض (26) بالشهادة في سبيل الله تعالى، وليس بتشييد المواخير والملاهي وحانات الخمر والمراقص والمسارح ومتاحف الأصنام وحمامات العراة وغير ذلك مما أنشئت له الوزارات، وفُتِّحت له خزائن بيت مال المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015